السبت، 26 فبراير 2011

الدعوة لتجديد الدين


بسم الله الرحمن الرحيم
تجديد الدين
مفهوم التجديد
إننا سنذكر بعض ما نحسب أنها حقائق و نرى أنها منطقية ولعلها تكون  بداية لوضع أسس تجديد الإسلام :
·       إن الإسلام هو الدين الذي أوحاه الله إلى محمد بن عبد الله(ص),وهو يقتصر على الوحي أو ما أوحى الله به إلى نبيه(ص).
·       إن للإسلام أصل واحد يمثل الوحي(منبع أو مصدر التشريع),وهذا الأصل يتمثل في أمرين هما القرآن وما كان في السنة من وحي.
·       إن الإسلام هو الدين الذي يجب على المسلمين أن يؤمنوا به,وما لم يؤمروا أن يؤمنوا به فليس من أصل الدين.
·       إن كل ما عدا الوحي لا يعد من الإسلام بل يكون من إضافات البشر بدءً من النبي(ص) إلى الصحابة والتابعين والعلماء والفقهاء والمجتهدين.
·       إن كل ما عدا الأصل ثم ينسب نفسه للإسلام يجب أن يتقيد بالأصل ولا يخرج عنه,ولا يجوز أن يكون هناك أمر من صنع البشر ينسخ أو يعدل أو يبطل الأصل (الوحي).
·       إن العقيدة لا تؤخذ إلا من القرآن ومن يقين السنة,ولا شيء غير ذلك.
·       إن النسك والشعائر لا يشرعها إلا الله,ويأخذها المسلمون من أمر الرسول بها, وأدائه لها,وليس بصفته مشرعاً لها,فالنسك والشعائر لا تكون إلا بوحي.
·       إن المعاملات تفهم من خلال منظورين
-         الأول هو:القواعد والأسس التي جعلها الله من سنن الحياة,كالعدل والمساواة والرحمة والصدق والوفاء والاستقامة,والإعمار وهذه لا تتغير ولا تتبدل مع الزمان ولا المكان ولا الأشخاص.
-         الثاني هو:تطبيق ذلك في الأحكام,فيؤخذ الحكم كتطبيق أو صورة أو مثال وليس كأصل,فإذا طبقنا الحكم (النص)على الواقع فأدى ذلك لمخالفة الأصل غيرنا في الحكم حتى يتطابق مع الأصل والقاعدة الفقهية المنطقية تقول:(الأمور بمقاصدها).
·       إن نصوص الوحي الخاصة بالأحكام هي تطبيق لأصل وليست أصلاً في ذاتها,ولهذا فيمكن تعديلها بالزيادة او النقص أو تجميد العمل بها طبقاً للأصل(المرجعية الحاكمة:العقل والفطرة والغريزة وإعمار الكون).
·       إن فهم صفة الله بأنه متصف بكل كمال ومنزه عن كل نقص يجب أن تكون حاكمة في فهم روح الدين,فلا شيء يمكن قبوله منتسباً للدين يستشعر فيه أهل الصدق والحكمة والاستقامة أنه ينقص من قدر الله,كما لا يرفض أمر يستشعرون منه أنه يدل على كمال عظمة الله.
·       إن التاريخ والأحداث والشخصيات,والأقوال والأفعال,لا تنسب للإسلام مهما كان صاحبها,ولا يترتب عليها اعتقاد أو نسك وشعائر أو تأصيل للمعاملات.
·       إن الأمم السابقة قد خلطت بين ما هو صناعة إلهية(الوحي),وبين ما هو صناعة بشرية(أقوال وأفعال المنتمين للدين),فرفعت قدر الوحي  بداية,ثم ساوت بين الإثنين,ثم عظمت ما صنعه البشر على ما صنعه الله,وما كان للمسلمين أن ينزلقوا إلى هذا المستنقع وقد تعهد الله بحفظ كتابه.
·       إن المذاهب والفرق يجب أن تفترق بسبب اختلافها على قواعد وأسس فهم الأمور,وليس على أساس اختلاف مصادر الدين,فيصبح التاريخ والأشخاص والأحداث عند ذلك أصلاً من الدين كالوحي سواء بسواء.
·       إن من يعرض الإسلام على الناس يجب أن يقتصر عرضه على الوحي,فمن يكفر بالوحي يكفر بالإسلام, ومن يؤمن بالوحي يؤمن بالإسلام,وما دون ذلك فليس مما يجب أن يؤمن به,سواء قبله أم رفضه.
·       إن رفض الإسلام لاتباع"ما ألفينا عليه آباءنا" هو أمر منطقي,فليس من المنطق أن يعبد أحد ربه بفهم غيره, بل كل إنسان سيكون مسئولاً أمام الله بما من عليه من فهم,والحد الأدنى الذي يمكن قبوله من الناس أن يكونوا قد راجعوا فهم الآخرين وقبلوه ولم يجدوا لديهم أو في أنفسهم ما هو أفضل منه,أما أن يكون فهم الآخرين أصلاً وأساساً يمنع الخروج عليه أو مناقشته فهذا ما لا يقبل من أسوياء وما نحسب أن الله يعذر مثل هؤلاء يوم القيامة.
·       إن شيئاً مما يجتهد به البشر ويبدعون من فكر ومشاريع وتحضر ويحكم عليه أهل الحكمة والعدل بالصواب والاستقامة فهو من الإسلام وإن لم يوجد به نص معروف من الوحي,وإن كل ما يحكم به أهل الحكمة والعدل بالخطأ والانحراف فإنه ليس من الإسلام حتى وإن فهم من فهم من المسلمين كائناً من كان أن ذلك من الإسلام , فلا صواب ولا خير يفتقد في الإسلام,ولا انحراف ولا فساد ولا زيغ يمكن أن يجده أحد في الإسلام.
·       إن الهدف الأساسي من الدين هو إعمار الكون,أي إقامة الحضارة بشقيها المادي والقيمي,وإن الأمر بعبادة الله وبيان أن كل حياة البشر هي ابتلاء واختبار وامتحان(العقيدة والنسك) إنما يصب ذلك في خانة الدعم والمساندة النفسية لمساعدة البشر على تحقيق الهدف وليس هدفاً أولياً في ذاته.
·       إن الدين الصحيح لا يتناقض فيه شيء داخله أو مع الواقع,فلا تتناقض العقيدة مع النسك(الشعائر),أو مع المعاملات,كما لا يتناقض شيء من الدين مع طبيعة البشر السوية أو مع طبيعة الكون,أو مع الهدف والغاية  (الحضارة).
·       إن كثيراً من المدافعين عن الدين ومن المهاجمين له يتنكرون أو يفتقدون لآلية الفهم الصحيحة للأمور (المنطق),أو لآلية سير وأداء الأمور(الفلسفة) ,أو لفهم تكوين الإنسان(علم النفس),أو لاستيعاب بواعث السلوك الجماعي للبشر(علم الاجتماع).
·       إن التجديد يبدأ بتجريد الدين من كل ما هو دخيل عنه والإبقاء على الوحي فقط(الكتاب والسنة اليقينية),ثم بتصحيح ألية فهم الأمور(المنطق),ثم بالفهم الصحيح للتكوين النفسي للبشر(علم النفس),والفهم الصحيح للواقع(العلم المادي) وتصحيح فهم آلية سير الأمور(الفلسفة),ثم بالفهم الصحيح للسلوك الجماعي للبشر في تعاملهم مع الواقع كله,أحياء وجمادات(علم الاجتماع).
·       إن تجديد فندق معروف يمكن أن يقتصر على إعادة دهان حوائطه,أو تغيير جميع أبوابه وشبابيكه,أو هدم الجدران الداخلية وإعادة ترتيب الحجرات,أو هدمه كله وإعادة بنائه على أساس جديد من التصميم المعماري والنظام الإداري ,ولكنه على الأرض نفسها ويحمل الاسم نفسه,إن الوضع الأخير هو فقط ما نريد أن يكون مع الإسلام,فالأرض والإسم موجودان ,وهما النصوص التي تمثل الوحي(القرآن والسنة),أما أن يشترط أحد أن يبنى البناء الجديد على الشكل أو التصميم أو مساحة الحجرات أو تنظيم الواجهة كما في الشكل القديم دون أن يقدم تعليلاً لأفضلية ذلك على ما يعرض أمامه من تغيير فهذا ما يجب أن نحذر منه كما نحذر من إعادة البناء على أسس أو تصميم أو شكل أو تشطيب غير معلل,أي لا يتطابق مع المرجعية الموضوعة الممثلة في العقل والعلم والمنطق والفطرة والغريزة ومنهج إعمار الكون,أو أن يكون مجرد مخالفة السابقين هدفاً في ذاته.
·       إن ما ورثته الأمة هو منظومة متكاملة مترابطة تكونت على مدار قرون,وضعت لها أسس ودعائم وأركان وستائر ومصدات لتضمن بقاءها,ولن يحدث تجديد مع بقاء هذه المنظومة بهيكلها الفكري والبشري,إنما التجديد سيحدث حين نستطيع تكوين منظومة جديدة بأسس وقواعد وأركان ودعائم مختلفة عمن سبقتها أو متشابهة,ولكنها المنظومة التي سنفهم بها الدين بأنفسنا والتي سنسأل عن هذا الفهم بها يوم القيامة,أما أن نسأل عن فهم الدين بمنظومة وضعها لنا السابقون وقيدت التفكير والمرونة الواجبة مع اختلاف الزمان والمكان والتحضر فهذا ما لا يمكن تقبله.
·       إن أي تمسك بالإبقاء على شيء من صنع السابقين يعد قيداً وعائقاً على إبداع البشر الحاليين,ولهذا فيجب تنحية كل ما هو صناعة بشرية,والإبقاء على ما يتوافق مع منهج من يجدد الدين فيصبح أمراً ضمن التجديد لتوافقه مع المنظومة الجديدة.وإن المنطق والفطرة والعلم والغريزة هي ضمن ما يوضع على أنه من صنع الله وليس البشر.
·       إن التجديد سيشمل إعادة تعريف جميع الألفاظ والمصطلحات,ثم بيان وظيفة ودور كل شيء في الحياة,ثم قيمته بالنسبة لباقي الأمور.
·       إذا وحدنا المصدر(القرآن والسنة),ووضعنا النصوص الموحدة في مجتمعات مختلفة,في التحضر والتخصص والأشخاص,ثم عدنا إليهم بعد مائة عام,فهل يمكن أن نجد توافقاً في التراث الذي بناه كل مجتمع على أساس تلك النصوص الموحدة؟,هل سيتفق مجتمع الشعراء مع مجتمع علماء الطبيعة مع مجتمع البدو مع مجتمع أهل التجارة والترحال مع مجتمع أهل المنطق والفلسفة؟,{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (134) سورة البقرة.
·       إن التجديد يعني أن نبدأ من حيث بدأ الناس وليس بعد ذلك,أي أن نبدأ من حيث لا يمكن أن تكون هناك بداية قبل ذلك,من هنا لابد أن نبدأ بالنص (الوحي),ثم نفهمه كما يجب أن يكون الفهم بمقياسنا نحن وليس بمقياس أحد قبلنا,إننا يمكن أن نقبل ما نوقن أنه صواب ممن كان قبلنا,ولكن المرفوض أن يكون منهجهم مفروضاً علينا دون أن ندري لماذا وكيف تم وضع ذلك المنهج أو قبوله وإقراره.
·       إن تلقي الخطاب وفهمه يكون من خلال:
-         اللغة :حيث تمثل الوسيلة لإبلاغنا ما يقال بوضوح,دون أن تحدد اللغة المقصد أو الحكم على القول بالصواب و الخطأ أو الاستقامة والانحراف,أو الجد والهزل.
-         العقل:حيث يحكم على الأمور من خلال الواقع المدرك بالحواس الخمس.
-         الفطرة:حيث يحكم على الأمور من خلال مرجعية القيم والأخلاق والمثل العلا.
-         الغريزة:حيث يجب أن تكون الأمور جميعها في وعاء تلبية الغريزة,وما كان خارج هذا الوعاء فهو من العبث.
-         العلم:حيث سيفهم الناس الأمور بقدر ما أحاطوا بالعلم,ولن يفهموا أمراً ليس لهم به علم فهماً صحيحاً.
-         الهدف والغاية :حيث سنفرق بين الجد والهزل,وبين الإفساد والإصلاح,والبناء والهدم, وما يثمر والعبث, إن الهدف والغاية هو العامل الذي سيحدد الأولويات ويعطي القيمة النسبية للأمور.
·       إن تجديد الدين لابد أن يسبقه تجديد منظومة الحياة,لأن أصحاب المنظومة البالية لن يتقبلوا ولن يتوافقوا مع دين تجدد من خلال أسس وقيم غريبة عليهم,وإذا لم تتجدد المنظومة فسيقوم أهل المنظومة البالية بتسخير الدين المجدد لمنظومتهم فيعودون به إلى سابق عهده أو أسوأ مما كان عليه.إن التجديد يبدأ من الأنفس,فإذا تجدد ما بداخلها وتغير جددت دينها ودستورها وقوانينها وعاداتها وتقاليدها,أما أن يتجدد الدين في صورة مؤلفات ومراجع فسوف يعود به أصحاب الأنفس البالية إلى سابق عهده.إن القرآن هو الكتاب المقدس لدى أهل السنة والجماعة,ولدى الشيعة,ولدى كل الفرق الإسلامية,فلماذا يختلفون؟,إن الاختلاف في منهج النفوس هو الذي يخلق التباين في التطبيق,فإذا توحد المنهج تقارب الشكل والتطبيق.{إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (81) سورة يونس
·       إن الحضارة الغربية الحديثة بدأت بتغيير الأسس والقيم والمفاهيم,ثم وجدت من يتبنى ذلك ويحمله,ثم أزاحت الدين أو غيرته أو هذبته حتى يتسنى لها الاستمرار في التقدم,فكان الدين آخر ما تغير,والإسلام كأصل يسبق الحضارة والفكر ويسمو على كل شيء,ولكن المشكلة فيمن يتعامل مع الإسلام وليس في الإسلام ذاته.
·        
·       إن تجديد المنظومة يعني أن نبدأ منذ ولادة الطفل,ونراجع كل شيء,ونلغي ما يعرف بالمسلمات والثوابت,فلا مسلمات إلا ما نرى أنها مسلمات,ولا ثوابت إلا ما نقبل أن تكون ثوابت,بالدليل والبرهان,وليس بالوراثة والتبعية.
·       إن الذين سيحكمون على الأمور فيقبلون ويرفضون هم أهل الحكمة والعلم والاستقامة,ولن يكون لأهل الأهواء والعصبية والعاطفة مكان بينهم.


هناك تعليقان (2):

  1. "إن كل ما عدا الوحي لا يعد من الإسلام بل يكون من إضافات البشر بدءً من النبي(ص) إلى الصحابة والتابعين والعلماء والفقهاء والمجتهدين."

    عفوا ربمالم أفهم تلك العبارة صحيحا, كيف يكون ما قاله الرسول عليه الصلاة و السلام ليس من الإسلام؟؟!

    ردحذف
    الردود
    1. لو رجعت لتعريفي للإسلام لوجدت أنني حددت ذلك بالوحي فقط.
      وبهذا فأي شيء يخرج من الرسول أو الصحابة أو العلماء لا يعتبر من أصل الإسلام إلا ما خرج من الرسول على أنه وحي من الله, وما دون ذلك فهو مجرد فهم وتطبيق وليس أصلاً في ذاته

      حذف