الأربعاء، 23 مارس 2011

الحيل الدفاعية


الحذر من الزيغ عن الواقع
قاعدة التوازن
إن كل إنسان يعمل تلقائيا على أن يظل في حالة توازن داخلي(أمام نفسه) وخارجي(أمام الناس) ,ويبذل كل جهده في سبيل ذلك.
يفترض في كل إنسان أن يكون قوياً ثابتاً أمام الأحداث,ولكن الواقع ينبئ بغير ذلك,فالغالبية من الناس يبدو عليها الضعف واضحا جلياً,فتهزه المتغيرات وتكاد تلقيه أرضاً,ولكنه بما حباه الله من ملكات يبذل أقصى جهده ويعمل على تفعيل كل طاقاته ليستمر محتفظاً بتوازنه وثباته ولو شكلياً,وهذا سلوك معيب وصفة ذميمة,أما الصواب فهو أن يعمل على تقوية نفسه قبل ذلك فلا تهزه الأحداث إذا أتت, ولئن جعلته يميل ويسقط أمامها فليسقط وليعاود القيام ولكن بعد أن يكون قد علم لماذا سقط وتدبر أمره لكي لا يسقط ثانية.
إن السعي لتحقيق الاتزان النفسي إنما هو محاولة لمساواة كفة بأخرى,ففي حالة الاتزان الداخلي لابد من توازن الواقع مع القوة الداخلية ممثلة في الفطرة والذاكرة ,أما في حالة التوازن مع الخارج فإن القوة هنا تكون في الناس ممثلين في القانون والعرف والعادات والتقاليد والمكانة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو هو مجموع القيم والقناعات الاجتماعية.
إن من لم يجد في نفسه تناقضا بين ما يفعل وبين ما يجده في نفسه فسيعيش سعيداً يهنأ بما هو عليه حتى لو كان قاتلاً أو فاجراً عربيداً,أو خائناً.وكذلك من لم يجد قوة تناقض عمله في الخارج كمن يعيش في مجتمع سوء,فهل يمكن أن يحاول مثل هؤلاء  أن يتوازنوا مع بيئتهم:
-       إمرأة بغي تتعامل مع غيرها من المومسات.
-       مجرم يتعامل مع أفراد عصابته من اللصوص أو المافيا.
-       مرتشي يتعامل مع المرتشين.
-       الجاسوس وهو يتعامل مع العدو.
وبهذا تكون الحيل الدفاعية دليل على صحة وصواب البيئة قبل أن تكون دليلاً على انحراف القائم بها,كما أنها دليل على وجود بقية من الضمير والفطرة والمنطق داخل الفرد,فإذا فعل الفرد ما يحلو له من انحراف ولم يلجأ إلى الحيل الدفاعية فهو إما فاجر صريح الفجور أو أنه فقد عقله وتحول إلى مجنون.فإذا انحرف الإنسان عن الفطرة(القيم والأخلاق والمثل العلا),فلابد له من تبرير لأفعاله ليوازن بين أفعاله وضميره وحكم الناس عليه,وإذا تناقض مع غرائزه(الدوافع),لجأ إلى ما يبرر به ضعفه وخيبته,وإذا تناقض مع الذاكرة ممثلة في العقل والمنطق والعلم والعقيدة فلابد من عمل يوازن ذلك داخله وأمام الناس,وهكذا العاطفة.
إننا يجب أن نقف وقفة جليلة أما هذه الآلية التي جعلها الله داخل الإنسان,إنها تمثل منبع ومصنع الضلال والزيغ,وهي بذلك أعظم أدوات الشيطان التي تمكنه من التلاعب بالبشر,فيضلهم دون أن يشعروا,بل ربما أوصلهم إلى الاستمتاع بضلالهم بل وأن يتقربوا بهذا الضلال إلى الله,وقد ذكر القرآن ذلك بتعبير"ويحسبون أنهم مهتدون".إن كل إنسان سوي يجب أن يعي تماماً أن بداخله كارثة ,وأنه يحمل داخل نفسه موضع هلكته,ممثلاً في آلية الحيل الدفاعية.
إن الله قد جعل داخل كل إنسان آلية تعمل تلقائياً للدفاع عن النفس,هذه الآلية تنقسم إلى قسمين:
·       الأول:يتمثل في الجهاز العصبي اللاإرادي,ويكون من مظاهره سرعة ضربات القلب وتدفق الأدرينالين في الجسم والانتباه والتركيز الشديد.
·       الثاني:يتمثل في الجهاز العصبي الإرادي في جزء التفكير,فيعمل ما يجعله يهرب من الهجوم المتوقع من الناس نتيجة ضعفه,وهذا ما يعرف بالحيل الدفاعية.
متى تعمل آلية الحيل الدفاعية؟:إنها تعمل تلقائياً بمجرد سقوط الفرد في موقف يفقده الاتزان,هنا يشعر الفرد بأنه تحت قيادة ألية الحيل الدفاعية,فإذا ارتاح لوجودها واستعذب ذلك قام بحمايتها والدفاع عنها ليعيش في كنف وهمها,أما إذا لم يرتح إليها تخلص منها بمجرد التذكرة أو تشغيل الآلية الصحيحة فيرفض اللجوء للخداع ويصارح نفسه بالحقيقة ويصحح خطأه وتعود إليه حالة التوارن الأصلية واحترامه لذاته.
أي أن آلية الحيل الدفاعية لا تحتاج لتفكير ولا إرادة من الفرد لأنها تعمل تلقائياً بمجرد تعرض الفرد لموقف يفقده اتزانه,أما الاستقامة والواقعية ورفض خداع النفس فتحتاج لإرادة وتفكير وقرار لتحمل التبعات والعواقب لتبني منهج المصارحة والتعامل الصحيح مع الحقائق.
من عوامل حث آلية الحيل الدفاعية على العمل:
-       الشعور النفسي بضعف موقفه أمام نفسه ثم أمام الناس,وذلك لوجود الفطرة والعقل,وهما من أدوات الاستقامة ويفضحا من يخرج عليهما إذا قام بـ:
·       تلبية غرائزة اتباعاً لهواه
·       أو اتخاذ المواقف المجانبة للصواب تلبية لعواطفه ومشاعره.
·       أو إخفاء ضعف خلقي[مثل الضعف الجسدي والمهاري] أو انتمائي لا يد له فيه [مثل أن يكون نسبه وضيعاً من ضعف منزلة والديه أو قومه أو وطنه أو لغته أو دينه]
·       أو أن يكون انتماؤه للواقع قوياً ويطغى بقوته على فطرته ومنطقه, ولا يحتمل أن يناقشه أو يراجعه مع أحد أو حتى مع نفسه..
-       رفض الإقرار بهذا الضعف أمام نفسه وكذلك أمام الناس.
-       ترجيح كفة نجاحه وتزايد ثقته في إمكانية إخفاء هذا الضعف عن الناس عن طريق خداعهم وتضليلهم عن الحقيقة التي يرفض أن يقر بها أمامهم أو يعلمها غيره,وكذلك ليشعر براحة ضميره بحجة وجود دليل أو مبرر يحمل احتمال كونه على صواب.
-       تعظيم حكم الناس عليه على حكمه على نفسه:ولهذا فإن عمله موجه للناس لينال استحسانهم ورضاهم حتى لو خالف منطقه وعقله وفطرته.
ولعلنا يمكن أن نقسم مراحل العمر بالنسبة لقدرة الإنسان على استخدام آلية الحيل الدفاعية إلى ثلاثة مراحل:
مرحلة الطفولة:وتتميز بالضعف ولذلك يحدث الانهيار عند فقدان توازنه بارتكابه الخطأ الذي يكشفه المحيطين به,ويكون ذلك في صورة بكاء وانزواء عن الناس وانطواء ويأس,وغضب,ويحب فيها من يخادعه ويقدم إليه التدليل والتلطف والهروب للخيال,فالطفل يفتقد العقل والعلم والحكمة.
مرحلة الصبا:وتتميز بالقدرة على ممارسة جميع أنواع الحيل الدفاعية لإخفاء أخطائه وانحرافه,لأنه ملك العقل والعلم,ولكنه يفتقد الحكمة.
مرحلة النضج:وتتميز بقدرة الإنسان على مواجهة الواقع بكل صوره المحببة إلى نفسه والمكروهة, ولا يعود فيها الإنسان لممارسة أي نوع من أنواع الحيل الدفاعية لأنه ملك العقل والعلم والحكمة.

ماذا تكشف الحيل الدفاعية؟
إن استخدام الحيل الدفاعية لدليل على إرادة قوية على الصمود والثبات,ولكن ليست لدرجة القبول والتحدي والنهوض من الكبوات,وعلى ذلك فهي درجة أفضل من الانهيار واليأس والضياع,ولكنها أقل من درجة قبول الواقع ثم التعامل معه بمنطقية حتى تحقيق الهدف المنشود.
وعلى ذلك فإن استخدام الحيل الدفاعية يكون مطلوباً وممدوحاً حين لا يكون للإنسان يد فيما حدث (مثل الموت والحوادث والكوارث الطبيعية),هنا لا مانع من التمسك بالغيب والإيمان,أما أن يكون ما حدث نتيجة جهل أو حمق أو تسرع وتهور فلا مناص للإنسان السوي في أن يعترف بخطئه, وأن يقبل النصح والرأي من أهل العلم والحكمة.
إن قيمة الحيل الدفاعية تختلف لدى الفرد السوي عنه من الفرد الضعيف,فالحيلة الدفاعية إذا استخدمها الفرد السوي تلقائياً في غفلة من نفسه,دون تفكير وروية فإنه يشعر بعدها بالخزي والخجل ,لأنه يشعر بأنها ستحول بينه وبين السعي لإصلاح نفسه وتجديد منهجه,أما الفرد الضعيف فإنه يشعر بعد استخدامه للحيلة الدفاعية بأنها الحصن الذي يحميه من الفضيحة,والمنقذ الذي حافظ على مكانته من السقوط,والغطاء الذي يستر عوراته من الانكشاف,ولهذا فهو يعيش بها ويستمتع بحلاوتها,ومن الصعب عليه أن يفرط فيها نتيجة انتقاد أو نصيحة أو حتى تدريس وتعليم في معاهد العلم, ولن ينتج عن ذلك إلا أفراداً يخرجون من فشل ليقعوا في كارثة.إن مستخدمي الحيل هم الذين قبلوا الهروب من الحق والحقيقة,ورفضوا الخضوع للمنطق والفطرة,وعلى ذلك فإن استخدام الحيل دليل على الانحراف عن الاستقامة,ودليل على ضعف النفس أو خبثها.
التهيؤ لاستخدام الحيل الدفاعية:إن الفرد يصبح مهيئاً لاستخدام الحيل الدفاعية حين يكون لديه هذه الصفات:
-       تعظيم قدر الهوى(تلبية الغرائز لاشباع الشهوة وتحقيق اللذة والمتعة),على قدر وقيمة المنطق والفطرة.
-       ضعف الإرادة التي يمكنها بها ترجيح كفة الصواب بما فيه من ألم وتحمل ومشقة,على كفة اللذة والمتعة.
-       خشية الناس والسعي لنيل رضاهم:ولهذا فهو يعمل ما يحسب أنه يرضيهم ويرفع مكانته بينهم,ويحول بينه وبين ما يمكن أن يناله منهم من أذى أو تجريح أو انخفاض مكانته بينهم.
متى يلجأ الفرد لاستخدام الحيل الدفاعية؟:
حين يكون في موقف ضعف ويخذله العقل والمنطق والفطرة والشجاعة.
-       فمن اتهم إبنه في جريمة ووجدت الأدلة على إدانته فليس له إلا أن يقف مع الحقيقة أو يلجأ للحيل الدفاعية.
-       ومن ورث ديناً أو فكراً أو تراثاً أو عادات وتقاليد أو غير ذلك مما لا يستقيم مع المرجعية العامة للبشر فإما الإقرار بالخطأ أو بالحيل الدفاعية.
-       من أعطي شيئاً ليس من حقه ثم نوقش فيه أو طولب به.
-       من لا يجرؤ على مواجهة غيره سواء أكان هذا الغير على حق أم على باطل.
-        
 صفات من يلوذون بالحيل الدفاعية:
-       إن  حبهم للأفراد مبنى على أساس من يلبي لهم شهواتهم ونزواتهم ويخضع لهواهم,ويكرهون من يعارضهم أو يرفض مشاركتهم في أهوائهم حتى لو كان من أهل الاستقامة والخير{هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (119) سورة آل عمران
-       الشكوى من الظلم والمطالبة بالعدل وإحقاق الحق طالما كان في موقف ضعفه,فإذا تمكن من قوة استعلى وتجبر وظلم وطغى بها.
-       الانضمام والتعاون والارتباط والتكاتف مع أهل القوة,يلوذ بهم ويسعى لصداقتهم بل وخدمتهم دون النظر لموقفهم من الحق والعدل والاستقامة.
-       يشعرون بالألم الذي يسببه لهم الآخرون مضاعفاً,ويندر أن يملكون القدرة على الصفح والتسامح, بل يميلون للانتقام الشديد ممن سبب لهم أي ألم حتى وإن كان الحق في جانبه,وفي المقابل ينسون جبالاً من الإحسان مقابل إساءة واحدة, هذا إذا كانوا في موقف متساو أو هم أقوى منهم ,أما إذا كانوا في موقف ضعف فإنهم يقبلون الظلم والألم من الأقوياء دون شكوى أو أنين.
-       الطعن والتجريح في الأشخاص,والبدء بالهجوم.
-       إن وجود آلية الحيل الدفاعية داخل النفس أمر يجب أن تدرك عواقبه وتبعاته,فهو وإن كان يمثل حائط صد وسنداً للفرد في حالات الضعف, إلا أنه يمثل في الوقت نفسه باباً لتضليل الفرد وإغراقه في مستنقع الوهم,مما يعضد سلوكه المنحرف وطريقه المعوج,ويثبته على موقفه الزائغ عن الحق,ويحول بينه وبين الرجوع للصواب.فهل نقول إن هذه الآلية هي التي تضل من ضل,وتساند من زاغ وانحرف,وأنها هي التي تهلك من هلك.
من هو الذي لا يستخدم لعبة التوازن؟
إن الإنسان القوي المستقيم لا يحتاج للعبة التوازن,لأنه يحترم الواقع ولا يحب أن يعيش في الخيال,فهو متواضع عند النصر,صابر عند الهزيمة,لا يهرب من أخطائه لأنه لا يريد أن يكررها,بل يذكرها بلا خجل,كما أنه لا يخجل من واقعه:صحته,مستواه المالي والاجتماعي,والعلمي والمهني وغير ذلك,دائما ما يفترض حدوث الضرر وكيف يواجهه ولهذا فمن الصعب مباغتته أو مفاجأته بشئ يكرهه,لا يطلب من الناس احتراماً أكبر من قدره ويتحمل من يعامله بأقل من قدره,إنه مثل الجبل الذي لا تهزه ريح.
وقد كان من هدي الإسلام أن يغلق أمام المؤمنين باب الضعف ثم استخدام لعبة التوازن:ففي الحديث الشريف"الكيس من دان نفسه,والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله"و"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة(ذرة) من كبر,الكبر بطر الحق وغمط الناس"
و"الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها".
إن البحث عن التوازن لا يأتي إلا نتيجة توتر,والتوتر لا يأتي إلا نتيجة إجهاد النفس لإخفاء أمر يشعر أنه لا قبل له بظهوره,وسنضرب أمثلة ربما بأمور نادرة ولكنها صعبة على النفس:
ماذا لو شك إنسان في نسبه لأبيه,هل يمكن أن يسعى لإثبات النسب أو نفيه حتى لو كان ذلك بالمجان,إنه قبل أن يفكر في ذلك سيحسب تبعات الأمر في حالة نفي نسبه لأبيه,هنا سيحاول بكل جهده أن يبقى الأمر مجمداً كما هو,وسيحارب أي محاولة لمعرفة الحقيقة.هنا يأمر الإسلام أتباعه بأن يبحثوا عن الحقيقة حتى لو كانت شديدة المرارة,لأن العيش والإقامة على حقيقة خير وأفضل وأعظم حتى لو كانت مؤلمة من العيش والإقامة على وهم أو خيال أو شك حتى لو كان لذيذاً لأن فيه هلاك وضياع. ففي حديث الرسول(ص):من أدعي إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام.
·       وأيضاً لو شك إنسان في دينه,سيفكر,ماذا لو تأكدت من أن ديني باطل وأن الحق في غيره؟,إن الاعتراف بهذه الحقيقة يعني العداوة الكاملة للأهل والأصدقاء ولكل من تربى وسطهم وغمروه بالحب والحنان,والانتقال لغيرهم ممن كان يتجنب الاختلاط الشديد بهم,فما الحل؟.إن الحل الأمثل هو أن يتبين الدين الصحيح ويتبعه مهما كان لذلك من تبعات,ففيه النجاة في الدنيا والآخرة,أما الطريق الثاني فيقول:إذا لم أجد ما يؤكد صواب ديني فلأسعى لإثبات بطلان الدين الآخر بأي وسيلة,ويمكن ذلك بالطعن في المتون أو الشروح أو سلوك المتدينين به,المهم أن أجد شيئاً يسند موقفي,أو أتجنب مناقشة مثل هذه الأمور مع أحد بدعوى عدم تخصصي في الدين.
·       اكتشاف بطلان الفكر أو المنهج السياسي أو الفكري أو المذهبي أو الاقتصادي.
·       اكتشاف وجود ظلم في تقسيم تركة منذ عشرات السنين,فهل نعيد الحق لأصحابه؟أم نقول إن ذلك حدث من آبائنا وأجدادنا ولم يكن لنا يد فيه,وسنبدأ من الآن بتحقيق العدل فيما يستجد وليس بأثر رجعي,أو سنقوم بإهداء ورثة المظلومين بعض المال ونساعدهم في بعض الأمور ليتجدد الود بيننا.
إن هذه أمثلة من المواقف الصعبة التي لو افترضنا أن إنسان قابلها فإن الغالبية العظمى من الناس ستهرب منها وتحاول أن تعالج الأمر بأي كيفية غير المواجهة والإقرار بالحقيقة,أي العلاج بالحيل الدفاعية.
ما هو الموقف الصحيح والمنطقي:
لا شك إن الإقرار بالحقيقة مهما كان صعباً هو الحل الأمثل لأي إنسان يريد أن يعيش في سلام ووئام مع نفسه,أما من وضع في منهجه اقتران إقراره وتمسكه بالحقيقة بالأمن والسلامة والسعادة,فلن يكون أبداً من أهل الحق.
موقف الإسلام من فرضية إتباع الحق:من خلال النصوص القرآنية والأحاديث نرى أن الإسلام لا يقبل من أحد أن يرى أو يعلم الحق ثم يكتمه أو يتقاعس عن تبنيه ونصرته مهما كانت التبريرات والعلل:
-{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (146) سورة البقرة
-{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } (159) سورة البقرة
-{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174) سورة البقرة
-{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (32) سورة يونس
-{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (10) سورة الأحزاب:تعليم للمؤمنين أن يقروا بحقيقة ما حدث لا أن يتنكروا ويعيشوا وهم النصر ويمحوا حقيقة ما كان.
-{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران:إنه التعود على ذكر الواقع كما هو.
-{عَبَسَ وَتَوَلَّى,أن جاءه الأعمى,وما يدريك لعله يزكى,أو يذكر فتنفعه الذكرى,أما من استغنى,فأنت له تصدى,وما عليك ألا يزكى,وأما من جاءك يسعى وهو ويخشى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى} (من 1-10) سورة عبس إنها كلمات قاسية لنبي هو قائد وحاكم وقدوة,ولكن هذا هو المنهج الصحيح,لا هروب ولا خشية من الاعتراف بالخطأ,وإلا فالفساد والهلاك.
-{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1) سورة التحريم
-{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ, لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ, ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ, فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (44-47) سورة الحاقة
-إن الكفر هو تعمد إخفاء الحق,أما الآيات التي تبين حكم الإسلام على الكافرين فأكثر من أن تذكر:
-{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (64) سورة الأحزاب
إن القرآن قد عاتب أو لام المؤمنين بل والرسول أيضاً,ليكون منهج الإيمان واضحاً:إذا حدث خطأ فالإقرار والاعتراف  وإصلاح الخطأ وتعلم الدروس واستخلاص العبر,ولكن لا هروب ولا كبر ولا خداع للنفس :
إن القرآن قد وجه حديثاً للنبي فيه لوم على تصرف,وقد كان من الممكن أن يكون ذلك مجرد وحي لا يذكر في القرآن ويتعبد الناس به,ولكنه المنهج العظيم,لا عيب في ذكر الخطأ ومواجهته والإقرار به:
وكذلك ذكر القرآن ما حدث في بيت النبي:
-       {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ, قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ, وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ , إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}من( 1- 4) سورة التحريم
-       وذكر ما حدث للمؤمنين في غزوة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا, إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا, هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} من(9-11) سورة الأحزاب
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (38) سورة التوبة
-       {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران
إن الأمثلة كثيرة, ولكن النتيجة التي يجب أن نستوعبها هي أن منهج القرآن يؤكد منهج الحياة:لا بناء لحضارة,ولا لرجال دون مواجهة الواقع الصحيح,والاعتراف بالخطأ ومعالجته,لا مكان للضعفاء,ولا المتوترين,ولا لذوي الحساسية للنقد واللوم,في طريق بناء حضارة قوية,أما هؤلاء الضعفاء فمكانهم المستشفيات النفسية والمعالجات الاجتماعية الرحيمة ولكن ليس بوضعهم أو بتركهم يتولون قيادة في طريق النهضة والتقدم والبناء. 
تساؤل:هل يمكن لمن يوقن أنه من أهل الحق أن:
·       يمتنع عن الاستماع أو التلقي أو متابعة أمر يخالف ما هو عليه.
·       يزعم أنه يجهل تبين الحق من الباطل أو الاستقامة من الانحراف,أو الصواب من الخطأ في الأمور التي لا تحتاج لعلم.
·       يهرب من مواجهة ما يخالفه تحت أي زعم.
·       يرفض توثيق العلاقة بينه وبين الآخرين في عقود,ويتمسك بالعقود الشفهية أو بغير عقود مطلقاً.
الشرك بالله انحراف نفسي:إن الشرك بالله هو أحد مظاهر الانحراف النفسي,وخداع النفس,ولعل هذه بعض أسباب الشرك بالله:
- الكبر المصاحب للانحراف:فهو بعد أن يفعل ما شاء من المعاصي يدرك أنه هالك,فلا يلجأ إلى الله ويطلب منه الصفح والمغفرة ويواجه حقيقة انحرافه ويعترف بها,بل يذهب لأي أحد أو شيء يمكن أن يتخيل أنه بديل لله,أو يقف معه أمام الله,ولا يحاسبه عما أجرم,حساباً يعلم وجوبه عليه من داخله,بل يبحث لنفسه عمن يحاسبه حساباً هيناً فيه من التسيب أكثر مما فيه من الحزم.
- خداع النفس:إنه يكذب ثم يصدق نفسه,فيتمنى أن يكون ما عليه أهل الشرك صحيحاً (لأنه يريحه أكثر من قيود أهل الحق),ثم ينضم إليهم ويقنع نفسه بما يعملون.
ـ الحرص على المنفعة,أو خشية الضرر:فيفعل أموراً غير منطقية خشية أن تكون لها صدى من الحقيقة أوحذراً من أن يندم مستقبلاً لعدم فعله لها,كذبح الحيوانات قرباناً , وإنفاق المال ,والوقت في عبادات ونسك وشعائر.
-البحث عن أي شيء يطرد الخوف والقلق,ويأتي بالأمن والطمأنينة:فالخوف من المستقبل والقلق على تحقيق الأهداف والأماني من نقاط الضعف التي يلعب بها الشيطان على الناس,فيجعلهم يندفعون لأي عمل يمكن أن يبث الطمأنينة في نفوسهم.
-التمسك والتشبث بالموروث:فيفعل ما وجد عليه الآباء دون مرجعية من عقل أو علم أو فطرة أو تفكير,فيسلم بذلك زمام قيادته للأموات.


أيهما أسوأ؟:
إنه تساؤل,إننا أمام طرفين,طرف ينحرف فيستخدم بعض الحيل لتبرير انحرافه أو لتقنينه وجعله مشروعاً,وطرف يسانده أو يقبل منه ذلك دون غضاضة, إذن فنحن أمام منظومة لا تقوم ولا تبقى ولا تسير إلا على هذين الساقين.الفاعل الأصلي وهو من يستخدم أدواته الباطلة لمساندة انحرافه,والفاعل الثانوي الذي يساند الفاعل الأصلي ويجعل عمله يولد ويقوى ويستمر على أرض الواقع,ولو لم يجد الفاعل الأصلي من يسانده فلن تقوم له ولعمله قائمة,والمثال على ذلك:
·       الأسرة التي تجد في أحد أبنائها الميل للهروب من مواجهة الواقع,ويستخدم لذلك أسلحة الانسحاب والغضب السريع وإظهار الحساسية المفرطة من أي لفظ أو حديث,فيجد من يعذره ويحميه ويفرض على الآخرين التعامل معه كما يريد لا كما يجب أن يكون التعامل.
·       الظالم الباغي الذي يبرر ظلمه بأدلة وبراهين لا تقوى أمام المنطق فيجد من يؤيده ويتبنى حجته ويكررها أمام الناس وكأنها الحجة والبرهان الصحيح.
·       المحامي الذي يقدم أدلة واهية وملتبسه ويفند الحق بالباطل فيجد القاضي الذي يقبل دليله وبرهانه ويحكم له.
·        الكافر الذي يرفض قبول الحجة والبرهان المنطقي ويتحجج بما ورثه أو بغير ذلك من الحجج فيجد من يقف معه ويدعو لقبول برهانه وإعذاره في موقفه.
·       المسرف والمستهتر الذي يجد في الاستمتاع والتلذذ حق أصيل يبرر له التخلي عن الحق والاستقامة ويجد من يؤيده ويعاونه في ذلك.
إن القرآن يضع الطرفين في سلة واحدة,بل ربما يجعل المؤيد أكثر إجراماً من المجرم الأصلي:
-       {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } (11) سورة الحشر
-       {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} (51) سورة النساء
-       {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ* تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} (78-80) سورة المائدة
-       {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (67) سورة التوبة
-       {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} (8) سورة القصص
-       {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (14) سورة النمل

الأسوياء هم المرجعية
إننا لكي نفهم معنى آلية الحيل الدفاعية يجب علينا أن نحيط علماً بما يجب أن يكون من الفرد السوي في كل موقف من المواقف,ثم منه نتبين ما هو سلوك الفرد المنحرف عن التصرف الصحيح في ذلك الموقف,ثم نتفكر كيف ولماذا سلك هذا المسلك المنحرف.أما إذا افتقدنا للمثال الذي سنحكم به على سلوك الأفراد فإننا لن نستطيع الحكم على الفرد بالاستقامة أو بالانحراف وذلك لافتقادنا للمرجعية التي سنقيس عليها.إننا سنذكر الأسوياء كمرجعية في جانب واحد هو ما نحن بصدده وليس كل جوانب السوية,هذا الجانب هو طبيعة التعامل مع الواقع على حقيقته,سواء أكان ذلك ما يخص حقيقة الظروف المحيطة أم يخص حقيقة الفرد نفسه,والمقصود بالتعامل مع الواقع على حقيقته أي في حجمه وكميته ومواصفاته دون تهويل أو تهوين , ودون زيادة أو نقص.
وقبل أن نناقش أشكال الحيل الدفاعية سنذكر السلوك القويم الذي يجب على كل فرد سوي أن يسلكه وأن يتخلق به:
·       أن يكون كتاباً مفتوحاً,فلا يتعمد إخفاء أي شيء من شؤنه داخل الإطار الذي يعايشه في ذلك الشأن,أي داخل المجتمع الذي سيطلع على هذا الشأن بحكم مخالطته له,أما خارج هذا الإطار فلا داعي لاطلاع الآخرين على ذلك الشأن.وألا يخجل من كل ما قدر الله له من مرض أو ضعف جسدي أو نفسي أو عطاء مادي.
·       أن يواجه الواقع كما هو,سواء أحبه ورضي به أم كرهه وتمنى زواله ,وسواء وافق أو خالف ما هو عليه من موقف,فإن وافق موقفه وثق في نفسه,وإن ناقض موقفه سارع في العودة للحق بل وسعد بذلك.
·       ألا يظهر على الآخرين بحجم أكبر من حجمه,أي أكبر من قدر ما يملك من ملكات نفسية وجسدية ومن مال ونفوذ وجاه ونسب.وألا يتعمد التهوين من شأن نفسه ووضعها في حجم أقل من حجمها الحقيقي.
·       أن يرتقي بنفسه علمياً واجتماعياً وفكرياً واقتصادياً ومهارياً وغير ذلك,ولا يقبل أن يظل قابعاً في مكانته ومستواه,من أجل ذلك فلابد أن يخالط أو يتتلمذ أو يصاحب من هم أعلى منه مكانة ,أما من هم أدنى منه مكانة فلا يخالطهم إلا بالقدر الذي ينقل لهم فيه علمه لهم,وأن يعظم قدر مكانته بين العظماء,فهو إن كان في مرتبة متوسطة أو متدنية بين عظماء فذلك خير من مكانة عالية بين بسطاء أو جهال.
·       إن قدر كل إنسان يقيم ويوزن بما فيه من علم وخلق وأدب وقوة ومهارة,أما النسب فهو عبء على الفرد,يجب عليه أداء حقه وليس التفاخر به,فمن كان ذا نسب رفيع ولكنه جاهل أو أحمق أو فاشل او كسول فماذا سيفيده نسبه,ومن كان ذا نسب وضيع ولكنه سبق غيره في العلم أو الأدب والأخلاق أو المهارات المختلفة فهل سيقف نسبه حائلاً دون تبوئه مكانته التي تليق به.
·       أن يضع نفسه في مقام متساو مع الآخرين,فيقبل على نفسه ما يقبله عليهم أو منهم,ويرفض ما يرفضه لهم أو منهم.
·       أن تكون الأدلة التي يقبلها من غيره أو التي يقدمها لهم نابعة من الغريزة والفطرة والذاكرة (المنطق),وألا يكون للهوى مكان في مرجعيته.
·       أن يفرق بين الغيب والشهادة,فلا يقدم دليلاً في موضع الحديث عن سنن الله الكونية من الغيب الذي يؤمن به,ولا يعارض الغيب بأدلة من الواقع,فالغيب هو إيمان واعتقاد أخبرنا الله به,أما الواقع فهو سنة الله التي خلقها لنا وندركها بحواسنا.
·       إن معيار تقييم أي دين يقتصر على الأصول فقط,ولا يقيم دين تبعاً لسلوك أو فهم أو تطبيق أتباعه له,كما إن تاريخ الأحداث التي مر بها الدين وما حدث فيها ليس أمراً يجوز نسبته للدين,وبهذا فيكون التقييم الصحيح لأي دين أن نطلب من أتباعه عرض الأصول علينا,وبالحكم على الأصول يكون الحكم الصحيح على الدين,فالتوراة هي فقط أصل اليهودية,والإنجيل هو كل الدين المسيحي,ولا شأن لنا بما فعله أو قاله كل من جاء بعد عيسى عليه السلام,والقرآن الكريم وما ثبت يقيناً عن رسول الله(ص) هو أصل الإسلام الذي يحكم عليه به ويقيم قدره,أما ما نسب إلى الرسول(ص) وكان في حكم الظن فيؤخذ به داخل إطار المسلمين,ولكن لا يصح الطعن فيه وإقامة الحجة وكأنه إذا ثبت خطأ شيء من ذلك ثبت خطأ الإسلام كله,وكذلك ليس من أصول الدين الإسلامي التاريخ كله سواء السيرة النبوية أو تاريخ الخلفاء والتابعين وباقي تاريخ المسلمين حتى اليوم.إن ثبوت خطأ يقيني واحد في القرآن يكفي لإثبات بطلان الإسلام كله,لأن القرآن ليس فيه احتمال عدم نسبة شيء فيه إلى الله,بل كله من عند الله,وما كان من عند الله فلا يقبل الخطأ أيا كان مقداره: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (42) سورة فصلت.
·       إن من يتحدث عن الدين,أي دين,لابد أن يدرك الفرق بين :
-       العقيدة وهي وعاء الغيب.
-       النسك والشعائر وهي أمور لا تراد لذاتها بل يراد منها إثبات صدق الاعتقاد.
-       المعاملات وهي تخضع لقواعد الواقع وسنن الله الكونية.
إن الدين يعبر عن قناعة الفرد بما يقبله منه ربه وينجو به من عذاب يوم القيامة ويدخل به الجنة,وكل فرد يحسب أن دينه هو الحق وأن دين غيره هو الباطل,والفرد السوي لابد أن يضع احتمال أن يكون دينه على باطل وأن يكون الحق في غير دينه,وإذا تبين أن دينه على باطل فسيكون هذا الباطل في موضعين وهما العقيدة والنسك(الشعائر) مثل الصلاة والصوم والحج,أما المعاملات فيمكنه أن يكون فيها على حق دون حاجة للدين,من هنا فيمكننا أن نضع في مواصفات الأسوياء أنهم مستقيمون في سلوكهم مع الغير فيقيدهم قيم الفطرة مثل العدل والمساواة والصدق والوفاء والرحمة والشفقة والنجدة,كما يتقيدون بالعقل والعلم أي بالمنطق أياً ما كان دينهم واعتقادهم.
إن من مواصفات الأسوياء إعلاء قدر الفطرة والعقل والعلم(المعاملات) فوق قدر الاعتقاد والتنسك وأداء الشعائر,فمن كان أمام اختيار بين رجلين مثل أن يختار صديقاً أو تاجراً يشتري منه أو يبيع له,أو جواراً في سكن أو صحبة في سفر,فإن المعيار للاختيار هو فيمن يتفوق في صفات الفطرة مثل الصدق والمساواة والعدل والوفاء والرحمة,وفي صفات العقل والعلم مثل الدقة والنظام والكفاءة والحذر وغير ذلك من مظاهر أهل العلم والعقل,فإن تساويا في ذلك فيختار أصوبهما اعتقاداً,فإن تساويا فيختار أكثرهما تنسكاً(صلاة وصياماً وحجاً وعمرة).أما من قلب هذه المعايير وجعل الدين ممثلاً في العقيدة والتنسك قبل الفطرة والعقل والعلم فقد تبين انحرافه.وقد عظم الإسلام قدر الفطرة والعقل والعلم فوق قدر الانتماء الديني:
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (2) سورة المائدة
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (135) سورة النساء
-       {لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ* يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (114,113) سورة آل عمران
-       {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (199) سورة آل عمران
-       {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (107) سورة النساء
إن الأسوياء يعلمون ان اختيار الدين في جانبه الاعتقادي والنسكي يقوم على اطمئنان القلب بصواب ذلك الأمر دون مرجعية من عقل ومنطق,ومن الصعب قيام البرهان والدليل على صواب عقيدة ونسك وبطلان أخرى,من هنا نقول إن من صفات الأسوياء قبولهم لحق كل فرد في اختيار الدين الذي يطمئنون إليه,ولا تقوم العلاقة بين الناس على أساس عقيدة ونسك بل معاملات فقط,فلا تتوطد علاقة بأحد نتيجة كثرة تنسكه أو عظيم اعتقاده , ولا يضار أحد نتيجة اطمئنانه لعقيدة معينة أو لممارسته نسكاً وشعائر خاصة به.
·       ألا يغفل أو يتجاهل أو يتصادم أو يتنكر لسنن الله في الكون,أي الحقائق التي يعلمها كل الأسوياء,مثل وجود فوارق بين الخلق في ملكاتهم النفسية وقوتهم الجسدية وأنسابهم وأرزاقهم,وأن الأغلبية من الناس هم من ضعفاء النفوس,وأن من يملكون القوة الجسدية أو النفسية هم نسبة ضئيلة من الناس(الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة).فلا يخجل من ضعف أو فقر ,كما لا يتعالى على غيره بما وهب من قوة وعطاء.
·       إن المرجعية الحاكمة لكل امر هي في كمال الأمر وليس في نقصانه,فنحن نقيس مسافة المتر على المقياس الذي بلغ مائة سنتيمتر,فإذا كانت كل المقاييس التي لدينا لم تبلغ هذا الرقم فإننا نستبعدها في القياس مهما كان عددها,ولا نختار شيئاً منها بدعوى أن ليس لدينا غيرها.وكذلك نقيس جودة الفاكهة والمحصولات على أكمل ما بلغته هذه الزروع من نضج وسلامة وجمال ,ونقيس مستوى أي لاعب بما وصل إليه أفضل لاعب في العالم,أما أن نقيس بالضعفاء فلا يقبل هذا حتى لو كانوا هم الأغلب الأعم.فلا يجوز أن نجعل من يحصل في الامتحان على نسبة 90% هو الكمال,ومن حصلوا على أكبر من ذلك فهم خارج نطاق التقييم,لأن في ذلك دعوة للتدني الذي يؤدي للتخلف ثم الهلاك.
·       إن المرجعية في قبولنا لحكم الآخرين على أدائنا هو في ما يمكن أن يكون بالإمكانيات المتاحة على أفضل وجه,وأن النقد منهم يكون مقبولاً إذا كان هناك تقصير بين,أما مقياس قبولنا للأمور من الغير فيكون في الحصول على أفضل ما يمكن الحصول عليه,أي أننا إذا لم نجد الكمال نقبل ببعض النقصان إذا كان الحصول على أفضل من ذلك غير ممكن.
·       إن الخطأ لا يبرر,والصواب يظل صواباً مهما كانت الظروف,ومقياس الخطأ والصواب ليس في الفعل والعمل بذاته بل في الهدف والغاية والعاقبة المترتبة على الفعل وعلى العمل,فالصواب هو ما أدى إلى خير ونماء للجميع,والخطأ هو ما أدى إلى ضرر لأي برئ.
·       إن الصواب يقبل لمجرد أنه صواب,وليس لأنه مرتبط بأشخاص أو مكان,ورفض الصواب انحراف حتى لو كان من يحمله أو يدعو إليه عدو أو شخص معيب.
·       إن الاستقامة تعني السير في طريق مستقيم,وإن الانحراف يعني الدخول إلى أحد فروع هذا الطريق وترك الطريق الأصلي وعدم الرجوع إليه.
·       إنه لا فائدة من الإقرار بالصواب دون العمل به,ولا حجة لمن علم الصواب ولم يؤازره وينصره,ولا قيمة لإقراره وعلمه بالصواب إذا تقاعس عن نصرته والجهاد والتضحية من أجل تطبيقه وفرضه على الواقع.
·       إن الإقرار بالخطأ وقبول النقد هو أول الطريق لإصلاح أي خلل في النفس والتخلص منه,وإن رفض الإقرار بالخطأ أو الضيق من النقد لهو أول خطوة لإغلاق سبيل الإصلاح والسير نحو الانحراف والهلاك.إن عرض الصواب على أي فرد معناه إعطاءه حق الاختيار بين ما هو فيه وبين الصواب الذي عرض عليه,وكل فرد سيعود إلى الأصل ويترك الفرع,فإن كان الأصل لديه هو الصواب فإنه سيعود إليه بمجرد التذكرة,أما إذا كان الأصل هو الانحراف فإنه سيترك الشكل الذي يزين به تصرفاته ويتمسك بالأصل الذي هو الانحراف:
-       {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (201) سورة الأعراف
-       {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} (45) سورة ق
-       {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} (9) سورة الأعلى
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ} (31) سورة الأنفال
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (15) سورة يونس
-       {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا*} (58) سورة مريم
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} (73) سورة مريم
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (72) سورة الحـج
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7) سورة لقمان
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ} (43) سورة سبأ
-       {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } (8) سورة الجاثية
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (25) سورة الجاثية
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} (7) سورة الأحقاف
-       {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } (70) سورة الأعراف
-       {وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (132) سورة الأعراف
·       إن من يخطئ فلابد أن يكفر عن خطئه,ولابد لتكفير الخطأ أن يكون بإزالته أولاً,فإن تعسر ذلك فيكون التكفير في المجال نفسه الذي حدث فيه الخطأ,وإن أعظم ما يكفر به هو تقديم الخير للناس,فهو أعظم من أداء النسك والشعائر.إن من قصر في الصلاة والصيام والذكر فيكون التكفير بأداء مثل هذه النسك,أما من أخطأ في حق الناس فيكون التكفير في شيء يهم الناس وذلك بفعل الخير العام النافع.
·       إن الجزاء لابد أن يقتصر على الفاعل فرداً كان أم جماعة,وكذلك على من ناصره وأعانه وسانده,سواء كان العمل في الخير والنماء فنحسن له أم كان في الشر والفساد فنعاقبهم,ولا جزاء بالإحسان أو بالإساءة نتيجة انتماء أو قرابة:
-       {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (164) سورة الأنعام
-       {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء
-       {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (18) سورة فاطر
-       {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (7) سورة الزمر
-       {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } (38) سورة النجم
·       إن الفرد السوي هو من يوقن أن حرصه على أن يكون على الحق والصواب والاستقامة أعظم من حرصه على أن يظل على قيد الحياة,وأن الموت أفضل لديه من بقائه على خطأ أو باطل أو امتناعه عن التحول للأفضل نتيجة الكبر,وأنه وإن حسب أنه على حق إلا أن احتمال أن يكون على باطل أو أن هناك ما هو أحق وأفضل مما هو عليه أمر قائم يجب ألا يتنكر له.إنه لذلك يكون على أهبة الاستعداد عند كل موقف لقبول النقد والمسارعة إلى التغيير للأفضل,وهو من يدرك أن من معوقات قبول الحق تقديسه لانتمائه لدين أو فكر أو لغة أو جنس,وكذلك مصلحته ومنفعته ولذته,ولهذا فهو يوقن يقيناً جازماً بأن لجوئه للحق فرض عليه حتى إذا تناقض معه انتماءاته ومصلحته ومنفعته ولذته.
·       إن انتماء الإنسان السوي لواقعه(وطنه وقومه ودينه وفكره وعاداته وتقاليده ولغته..الخ) إنما ينحصر في ما يتطابق مع فطرته ومنطقه,أما ما يتناقض معهما فلا يقبل على نفسه الانتماء له,فإذا فضل شيئاً من انتمائه على فطرته ومنطقه خرج من السوية للانحراف.
·       إن القاعدة الفقهية وقاعدة الحياة هي:الأمور بمقاصدها",فالإنسان السوي يتعامل مع جوهر الأمر وليس مع شكل ومظهر الأمور.وكذلك فلابد من إدراك العلاقة بين الغاية والوسيلة,وأن أي غاية لابد أن تدرك بوسيلة,وأن أي وسيلة لا توصل إلى الغاية فاتخاذها نوع من العبث.
·       إن تقييم الأداء لابد أن يعلم قبل بدء العمل,فيكون العمل من بدايته مطابقاً لمعايير الإنجاز,فالطالب لابد أن يعلم أن نجاحه مرهون بعناصر محددة,إذا أداها كاملة وجب نجاحه نجاحاً تاماً,ويكون النقص في درجاته بقدر النقص في معايير التقييم,فلابد أن يعرف إن كان للحضور درجات وكذا للمظهر والاشتراك في الأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية,والسلوك والأدب,أم أن التقييم سيقتصر على فقط على أداء الامتحان النهائي.إن مدير المصنع والمؤسسة يجب أن يعلم قبل بدء قيادته للمكان معايير التقييم التي على أساسها ستكون درجة أدائه,ولا يفاجأ بها.أما من يعمل عملاً ويتجاهل معايير الإنجاز ثم يتخيل هو بنفسه هذه المعايير ويعمل طبقاً لها فهو واهم ومخادع لنفسه,إلا أن تكون هذه المعايير فاسدة.
·       إن الغرائز يجب أن تلبى,ولا يكون تلبيتها إلا من خلال المنطق(الصواب أي سنة الله في الكون),وأن تكون هذه التلبية مقيدة بالفطرة(مرجعية القيم والأخلاق والمثل العلا),وألا يكون للهوى أي دور في حياة الإنسان,وأن العواطف والمشاعر لا تصلح كعنصر من عناصر الحكم على الأمور بالصواب والخطأ,ولكنها مرجعية ذاتية لكل فرد لا تتعداه إلى غيره,يحق له أن يستخدمها فقط في تعامله مع الحياة بعيداً عن الحكم على الأمور بأنها صواب أو خطأ أو حق وباطل,فيأكل ويلبس ويسكن ويتنزه تبعاً لعواطفه ومشاعره,أما أن يصادق ويعادي,أو يناصر ويقاتل فلا طاقة بالعاطفة والمشاعر بأن تقرر شيئاً من ذلك.
·       إن التفاهم مع الآخرين هو سمة المتحضرين,وإن قبول الدليل أو نقضه, وتقديم الدليل أو الرجوع عنه لابد أن يكون له قواعد وأسس, من يجهلها أو يتجاهلها يخرج عن السوية, وإن من لم يأخذ بكامل الدليل المقدم له ويطعن فيه كله لا أن يطعن في عنصر من عناصر الدليل ثم يزعم أن ذلك يهدم الدليل كله, والصواب أن هدم عنصر من العناصر يهدم ما يبنى عليه هذا العنصر وحده أو ما يرتبط به.

سبب انحراف البشر:
يوجد داخل النفس البشرية عناصر تدفع الفرد للانحراف وهي:
-       الغريزة: حيث أنها دوافع تدعو لتلبيتها حتى تهدأ وتستقر.
-       الهوى: حيث نه دافع للحرص على المصلحة والمنفقعة واللذة دون التقيد بمنطق أو قيم.
-       العاطفة: حيث المشاعر التي لا تقوم على منطق أو فطرة.
-       آلية الحيل الدفاعية: حيث تقوم بعملية إتزان للفرد أياً كان مقدار إعوجاجه, بالخداع والتخيل وبتسخير كل العناصر لذلك , مثل المنطق والعلم والواقع والاعتقاد, ولذلك يبتعد عن الشعور بالنقص أو الانحراف أو الضلال.
سبب استقامة البشر:
-       الذاكرة: بما فيها من منطق وعلم وخبرة.
-       الفطرة: بما فيها من قيم وأخلاق ومثل علا.
إذا تقيد الفرد بالذاكرة والفطرة ضمن الهداية والاستقامة.وإذا قيد أو سخر الذاكرة والفطرة لتلبية عناصر انحرافه ضل.

آلية عمل الحيل الدفاعية
ونحن نناقش الآن عناصر هذه الآلية الخطيرة, ومظاهر عملها وهي ما يسمى بالحيل الدفاعية وأساليب التعامل مع الواقع التي يلجأ إليها الضعفاء ليظهروا أمام أنفسهم والناس في صورة القوي أو السوي,وهناك طريقان يسلكهما أصحاب الحيل الدفاعية,الأول هو الهروب والانسحاب من التعامل المباشر مع الحدث,والثاني هو مواجهة الحدث,هنا لن يكون أمام هذا الشخص سوى تحطيم كل ما تعرفه البشرية من منطق وعلم واختلاق منطق وعلم جديدين:
ملاحظة:{ إن الله قد جعل من سنته ألا يوجد أمر في الحياة في ما دون اليقين الذي يدرك بالحواس الخمس إلا ويمكن أن يرى من خلال منظورات متعددة,وهذه المنظورات هي التي تمثل الأنفاق والجحور التي تمكن الضعفاء من الهروب من خلالها لكي لا يواجهوا الحقائق التي يوقنون بها داخلهم}
المجموعة الأولى:الهروب والانسحاب:يحدث ذلك غالباً في المواقف التي تكشف ضعفه,أو مع الأشخاص الذين لن يسايروه في الوهم الذي رسمه لنفسه أو في الحقيقة الجديدة التي أصبح فيها مثل المكانة العلمية أو الأدبية أو المالية أو السلطة التي أصبح يمتلكها,وهؤلاء الذين يهرب منهم هم: أقرباؤه وأصدقاؤه القدامى,وأصحاب الفضل عليه,و كل الذين كانوا يتفوقون عليه ,أو الذين يفاجأ بأنهم فوقه في جانب من الجوانب ,فلا يطيق لقاءهم أو حتى ذكرهم أمامه.وهذه بعض أساليب الهروب:
1-    وضع حلقات أو أسوار حوله:وتكون مهمتها هي منع الغير من النفاذ إليه وكشف أسرار ضعفه,فمنهم من ينطوي على نفسه,فلا يخالط الناس إلا بقدر ضئيل وبحذر شديد,ومنهم من يرفض أن تتبادل معه الحديث في أمور تخصه مثل عمره أو عمله أو من هو أبوه أو أمه أو أقرباؤه؟ حالته الصحية, المالية, الاجتماعية, إمكانياته العلمية والمهارية, ومنهم من يرفض أن تزوره في بيته أو تراه في عمله, لأنه يسير أمام الناس معتدلاً في صورة وهيئة خيالية ويخشى أن يكتشف الناس صورته وهيئته الحقيقية وهذا هو مرضه وتلك هي مشكلته فترى بعضهم يبالغ في إبداء الجدية والصرامة حتى تظنه مهيبا, ويبالغ في ارتداء أغلى وأشيك الملابس ووضع النظارات القيمة على عينيه,وتراه يحب أن يتحدث من طرف واحد, أي يتكلم ولا يسمح لغيره بالكلام.وكل إنسان لابد أن يضع حوله أسواراً,ولكن الإنسان القوي السوي هو من يضع حلقة واحدة فقط حوله,وهي التي تمنع غيره من الإطلاع على خصوصياته : عوراته, ماله,عرضه, أي الأمور التي إن فرط فيها حكم عليه الناس بالجنون أو الخبل,وكلما زادت الحلقات حول إنسان دل ذلك على زيادة مقدار ضعفه.
وهذا الأمر قريب من (الكبت):حيث يتعمد الفرد إخفاء الحقائق حتى عن نفسه وتجاهلها كما لو كانت غير موجودة,ثم حمايتها من الغير,فلا يسمح لأحد بالعبث أو التفتيش أو فتح ملفاتها.
2-الخيال:هو الهروب من الواقع للخيال والغيب:فيفسر كل شيء من خلال منظومة الغيب,لقد كتب الله علينا ذلك ,إنه القضاء والقدر,نحن ننتظر ما يقدره الله لنا,إن حظي ليس في هذه الأمور, ربما كان سيحدث أسوأ مما حدث لو وقع ما كنا نتمناه.
3- الانسحاب أو التقوقع إذا وجد الأمور تسير عكس ما يريد,والاستئساد حين يرى أن الحق معه:أما انسحابه أو هروبه فلابد أن يغطيه أو يبرره, فأحياناً يكون ذلك بإظهار غضبه وتأثره بما واجهه (الزعل, اتقمص, أخذ على خاطره),وأحيانا يكون باعتذاره بضيق الوقت أو بوجود ما يشغله, وأحيانا يزعم أنه لا المقام ولا الوقت ولا الأشخاص ولا الظروف تسمح بالتعامل أو بالرد على ما حدث أو ما قيل .
-       {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ *كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ *فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ}(49-51) سورة المدثر
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7) سورة لقمان
-       {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا } (7) سورة نوح
4- ادعاء المرض والضعف للهروب من المواقف التي لا تروقه(الصداع,ألم البطن,أمراض القلب والسكر,الغباء ).:
 -{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (18) سورة يــس
-{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} (88) سورة البقرة
{وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ} (5) سورة فصلت
-{قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} (91) سورة هود
-{لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} (15) سورة الحجر
5- رفض مناقشة المضمون,أو الرد عليه:
·       {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} (93) سورة البقرة
·       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7) سورة لقمان
·       {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ, قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ, فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} 75-77 سورة الأعراف     
·       {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (91) سورة البقرة
6-التوحد والتقمص:هو أن يتقمص شخصية يعجب ويفتن بها ويقلدها في الملبس والشكل والأداء ,ويبدأ بفرض نفسه بهذه الشخصية على الناس, ويصاحب من يقبله بها ويتجنب أو يحارب أو يقاطع من يرفضه بالشخصية الجديدة.إن هذه الشخصية يختارها بحيث تصلح للاختفاء داخلها أو خلفها
7- ترك الموضوع الأساسي والدخول في أزقة جانبية:فكلما تحدثت معه في أمر وذكرت جملة وجدته يمسك بتلابيب كلمة أو عبارة ثم يحول الموضوع كله إليها,أي يجعلها هي لب الموضوع.أو أن يذكر لك شيئاً معلوماً ليستدرجك إليه أو يبعدك عن الهدف.
8- الهروب من المواجهة: بغلق التليفون, أو بعدم الرد على الطالب, أو بزعم عدم وجوده بالمكان( المنزل أو العمل) , أو بزعم جهله بالموضوع أي أنه لا يعرف شيئاً عنه.
المجموعة الثانية:التعامل المباشر مع الحدث:حيث يتلاعب بالمنطق والعلم:
الباب الأول:
ممارسة لعبة الكيل بمكيالين
1-    تعظيم وتجميل ما يحب وتحقير وتلطيخ ما يكره:تكرار ذكر المزايا والصفات الحسنة والعظيمة لما ينتمي إليه من دين أو فكر أو حزب أو عائلة أو أرض,بينما يتم ذكر نقائص وعيوب ما دون ذلك دون مرجعية من منطق أو بحث علمي محايد{رفض النظرة الشاملة التي تذكر المزايا والعيوب في الوقت نفسه}.
وكذلك التفنن بذكر الصفات الحسنة للطغاة والمجرمين ليبرروا لأنفسهم انتماءهم لهم
-  {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} (31) سورة الزخرف
-       {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (111) سورة الشعراء
-       {فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (27) سورة هود
-       {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} (13) سورة البقرة
2-تضخيم لحجم أمور صغيرة وتعظيم لأمور بسيطة:
تعظيم الانتماء للدين أو الوطن أو الحزب أو اللغة أو الجنس فوق الحق والعدل والمساواة والاستقامة والبر.
تعظيم حق القوي والكبير في الاحترام وتحقير حق الضعيف في العدل والمساواة والرحمة.
تعظيم النسب للعائلة والوطن والدين فوق التقييم المنطقي للناس,فهو يتفاخر بنسبه العائلي أو الوطني أو الديني لتغطية فشله وخيبته في مزاحمة أهل العلم والفضل والكفاءة والمهارة والملكات.
تعظيم قيمة العمل فوق الأجر,أو الأجر فوق العمل:إن عملي هذا لا يكفيه ولا يكافئه مثل هذا الأجر,أو من يقول إنني أعطيك هذا المال ليس مقابل عملك بل لأنك محتاج إلى المال فهي رحمة مني بك أما عملك فلا يستحق هذا الأجر,تعظيم الشركاء{في الأسرة,والشركات,والمصالح الحكومية ,والعائلات,وكل عمل جماعي}لعمل كل منهم وتحقير أعمال الآخرين.
تعظيم قدر العقيدة والنسك والشعائر مثل التدقيق في مسائل العقيدة وتكفير الناس والمبالغة في النسك من صلاة وصيام وحج وعمرة وارتداء ملابس العبادة والإمساك بالسبح,بل والانضمام للطرق الصوفية,وعشق الأموات ممن يطلق عليهم عباد الله الصالحين,ومرافقة الدعاة والاحتفاء بهم والزعم أنه من مريديهم,فوق قدر الفطرة والعقل والعلم,فنرى أمثال هؤلاء يضيقون بالحديث عن الصدق والوفاء والعدل والمساواة والدقة والنظام والحذر من الأخطاء ووجوب التعلم والتدريب ورفع المستوى العلمي والخبرة,بل ونراهم يبالغون في مهاجمة أهل الأديان الأخرى واختلاق معارك عظيمة في مجال العقيدة والنسك والهروب من معارك الفطرة والعقل والعلم.
ومن الواضح أن السبب في لجوء الفرد لذلك هو لموازنة فشله في الواقع,أو لجرائم ارتكبها ولا يريد التكفير عنها,أو الاعتراف بها,أو لينسى الناس ماضيه وينشغلوا بما هو فيه,أو ليهرب من قضايا فكريه لا يقوى على الوقوف أمامها مثل صفات أهل الحق والاستقامة, وهل يحتمل ألا يكون الإنسان على الحق؟.أما في العلاقة الاجتماعية مع الآخرين فنرى هذا التناقض,فهو إن أحب لا يرى فيمن يحب إلا الجمال والروعة والعظمة,كما أنه يرضى منه بالقليل من الخير والجمال,ويتغاضى عن الكثير من الشر والقبح,وإذا كره لا يرى إلا السيئات والعيوب والنقائص,ولا يرضى منه إلا بالكمال التام,فيذكر عيباً فيه وكأنه كل شيء,وعلى هذا العيب يتوقف رأيه وعلاقته به,فإن أزلنا العيب ممن يكرهه خرج منه بعيب جديد,إي أنه يقرر أولاً ما إذا كان سيحب أم سيكره,وعلى هذا الأساس يوظف كل الأمور إما للحب أو للكراهية.إن معنى ذلك أن السوية والاستقامة هي أن يكون ما يراه ويلمسه أساس حبه وبغضه ,أما الانحراف والاعوجاج فهو أن يكون الحب والكراهية أساس لما يرى ويلمس.
والأمثلة لمن كان هو الحاكم وكان حكمه على أحد يكرهه فيضع مرجعية الكمال المطلق الذي لا يمكن تحقيقه في الواقع هو المقياس لرضاه وموافقته ,فتراه يطلب أموراً ويشترط شروطاً إذا تحدثت معه منفرداً وسألته :هل يمكن أن يتحقق ذلك قال لك:طبعاً مستحيل:
- فإذا كره الحكومة قال إنني لن أؤيد هذه الحكومة إلا إذا كفلت الأمن الكامل ومجانية العلاج والتعليم وأعطت المرتبات التي تكفي لكل فرد في المجتمع كله العيش حياة كريمة.
- وإذا كره الطبيب قال:إن العلاج الصحيح يجب أن يظهر أثره في الحال ولا يظل المريض معانياً من أعراض المرض منذ ثلاثة أيام.
- وإذا أحرج عند شراء شيء قال إنني أريد شيئاً ذا مواصفات كذا وكذا(مواصفات لم توجد في الواقع بعد).
- وإذا رفض فتاة أو رفضت فتاة شاباً قيل نريد مواصفات كذا وكذا من أمور يستحيل أن تجتمع في إنسان رجلاً كان أو امرأة.
وقد ذكر القرآن هذا الأسلوب الذي اختاره الكفار في صراعهم مع أنبيائهم,والشروط التي وضعوها لكي يؤمنوا بهم هو كالآتي:
·       {وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} (8) سورة الأنعام
·       {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (12) سورة هود
·       {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} (7) سورة الفرقان
·       {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوًّا كَبِيرًا } (21) سورة الفرقان
·       {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} (55) سورة البقرة
·       {وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ} (124) سورة الأنعام
·       {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعًا*أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} (من91-93) سورة الإسراء
·       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (25) سورة الجاثية
أما الذين يضعون الأسوأ بديلاً عن صنعهم فهم الذين صدقوا أوهامهم ووصل حبهم لهذا الوهم أنهم لو خيروا بين تركه وهلاكهم لاختاروا هلاكهم ,هكذا وصفهم القرآن:
·       {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ } (70) سورة الأعراف
·       {قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (32) سورة هود
·       {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (22) سورة الأحقاف
·       {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (32) سورة الأنفال

إن هذا العنصر من عناصر التوازن والحيل الدفاعية يبدو في تعمد تجاهل عناصر محددة في موضوع وإبراز عناصر أخرى,أو تعمد تجاهل مواضيع محددة في الواقع وإبراز مواضيع أخرى,يحدث ذلك في تعامله مع الناس جميعاً,والأعجب أن ذلك يتم بينه وبين نفسه,فلا يسمح لأحد أن يتناول نقاط معينة وربما تكون جوهرية,ويضغط لرؤية الموضوع من خلال نقاط يحددها هو,وهو يجيد لعب هذه اللعبة مع غيره فنراه يتحدث في مجلسين متناقضين أو متصارعين,فيذكر هنا الموضوع من خلال عناصر معينة تخدم موقفه مع هذا الطرف,ثم يذكر الموضوع نفسه من خلال عناصر أخرى تخدم موقفه مع الطرف الآخر.هذا ما يعرف بالخطوط الحمراء,أي بالخطوط التي يحرم الاقتراب منها أو تجاوزها,فإذا وجدت خطوط حمراء(غير منطقية) فاعلم أن آلية الخداع تعمل.

3- تعمد فرز عناصر الحقيقة,فيختار بعض العناصر ويتغافل عن أخرى,ثم ينسج دليله من مجموع العناصر المختارة مع العناصر المضافة من عنده,فيصبح الدليل مقبولاً شكلياً,أو أنه يقوم يقص أطراف حقيقة أو بعض الحقائق,فيأخذ جزءً منها ثم يبني عليه دليله,أي يتعمد بناء دليل من حقيقة أو حقائق مبتورة ,فإذا ذكرته بأدلته جادلك بقوله :أليس ما ذكرته حقيقة؟,ويريد منك أن تجيب بنعم أو لا,ولكنه لا يريد منك أن تجيب:هذه حقيقة أو حقائق مبتورة,والحقيقة الكاملة هي كذا.
4- إخفاء الإذعان والذل,وإنكار المعروف والفضل:حين يتعامل الفرد البدائي مع أشخاص يتصفون بالقسوة والجحود وليس له قبل بعداوتهم ,فيضطر للخضوع إليهم والتذلل لهم,ولكنه يخفي هذا الخضوع والتذلل بأن يخدع نفسه فلا يرى فيهم حجم السيئات التي تصبغهم فيبحث فيهم عن ميزة أو اثنتين أو أكثر من ذلك فيعظمها ويقدرها ولا يقبل من أحد أن يذكره بباقي الصورة القميئة,فإذا تغير الحال ولم يعد حذراً من عداوتهم وأصبحت يده فوقهم إذا به لا يذكر فيهم إلا ما كان يتعمد تجاهله,أما إذا ماتوا دون أن يقدر على العلو عليهم بقي طيلة حياته لا يذكر إلا حسناتهم ويظل منكراً لسيئاتهم لكي لا يسقط أمام نفسه والناس,أما إذا خالط أهل فضل ومروءة تحركت الغيرة داخله,وسعى لتحطيمهم بكل الوسائل,فيحقر أو يستخف بأي عمل يعملوه حتى لو كان خدمة له ومنفعة,وإذا استخدمهم تعمد بخس جهدهم وأجورهم,ويتفنن في البحث لهم عن زلات,وإذا ذكرهم لا يرى ثوبهم الأبيض بل لا ترى عيناه إلا هذه البقع صغيرة الحجم,فإذا تركوه وقرروا الرحيل بعيداً عنه انهار وطلب منهم البقاء بجواره وعرض عليهم الأجر المرتفع والمميزات التي كانت محرمة عليهم,والود الذي كان لا يصل أبداً إليهم.يحدث ذلك بين الأبناء والآباء,والحكام والمحكومين,وأرباب العمل والمستخدمين,وهم بذلك يعينون أهل الظلم والبغي,ويحطمون أهل الخير والمعروف والمروءة.
إن أصحاب الحيل الدفاعية لا يعرفون الحب إلا عن مصلحة ومنفعة أو تحت رهبة وخشية,وهم نتيجة الرغبة أو الرهبة يقنعون أنفسهم بالحب ليخفوا حقيقة أسبابه لديهم,فيغمضون أعينهم عن كل السيئات فلا يرونها,وإذا ذكروا بها قللوا من حجمها وهونوا من أمرها,أما مع أهل القيم والفضل الذين لا يرون لهم مصلحة لديهم فإنهم يختلقون لهم الكراهية ليخفوا انحرافهم عن السوية,فيحقرون حسناتهم ويعظمون زلاتهم,إنه حب وكراهية مصطنعة لا تقوم على أساس منطقي.
5- اختيار المقياس الأدنى أو العدم للحكم على عمله واختيار مقياس الكمال للحكم على عمل الغير:فما يرفضه على نفسه لا يقاس إلا بما يحتمل أن ينتج عنه من عواقب سيئة:
·       فالتفكير والنقاش سيؤدي للبلبلة والشقاق والضغينة.
·       وإحقاق الحق وإقامة العدل سيؤدي لفتن ومعارك داخلية.
·       والتجديد سيؤدي إلى فقدان الهوية.
وكأن يقول إنني لست ملاكاً ولكنني بشر.لقد أخطأ أبونا آدم,وأخطأ فلان,وتراه يكثر من ذكر سقطات الناس وفضائحهم ويتتبع عوراتهم,إنني لا أفعل مثل فلان,الحمد لله نحن أقل من غيرنا سوءً.
إنه إذا وجه إليه نقد ووضح على عمله العيوب والمؤاخذات قام بمقارنة عمله بالعدم وليس بالكمال,فيقول:إذا لم يعجبكم ما أفعل فلتقبلوا الحياة بدون أي شيء,ومثال ذلك:
·       إذا وجه لطبيب انتقاداً لعلاجه يقول:هل تريدون موت المريض بألا نعطيه علاجاً.
·       وإذا وجه لطباخ نقداً لطعامه قال:ألا يكفيكم أننا أطعمناكم,أو لا تقدموا هذا الطعام لهؤلاء الناس.
·       وإذا وجه زوج لزوجته ملاحظته على عيب في الطعام قالت:إذن فلتحضر طعامك من المطاعم,أو إنني لن أطبخ لك بعد اليوم .
·       وإذا نقد طالب لتقصيره في الحصول على درجات مرتفعة فيقول:كان الأفضل أن أرسب.
·       وإذا عيب على من يقدم كوباً من الماء دون أن يغسل يديه قال:إنني مخطئ لأنني تطوعت لأسقيكم.
·       وإذا وجهت لسائق تاكسي ملاحظاتك على سوء حالة التاكسي وبطئه وارتجاف مقاعده قال:أنا مخطئ لأنه يجب على مثلك أن يركب الأوتوبيسات المزدحمة.
·       وإذا وجه لحاكم نقدا على سوء حكمه قال:إنكم لا يصلح معكم إلا هتلر أو موسوليني أو ستالين,أو أن مثلكم يجب أن يعيش بلا حكومة.
·       وإذا دخل معركة أو امتحاناً فهزم أو رسب فيه قال:إن ما كسبته أعظم مما خسرته,إنني لم أسمح لعدوي بأن يحقق أهدافه,إن استمرار وجودي هو أعظم انتصار,إن ما تعلمته من الإخفاق أعظم مما كنت سأتعلمه من النجاح.إنك تراه دائماً منتصراً بينما تجده دائماً خاسراً.
·       إنه القول الشعبي الداع إلى القناعة والخنوع "أحسن من ما فيش" أي خير من العدم.
إن خطورة منهج هؤلاء هو أنهم يرون أن الحد الأدنى فيما يأخذوه من الناس هو في الكمال,أما يجب عليهم فهو العدم,فتخيل معي لو أن العامل يرى أن ما يأخذه من مال هو في مجرد انتسابه للعمل أما إذا قام بعمل فلابد أن يأخذ حقه مقابل ذلك,وطبيب يرى في المال الذي يدفعه له المريض هو في مقابل أن يراه,أما أن يفحصه ويكتب له العلاج ويتابعه فهذا أمر فوق حق المريض فإن شاء فعله وإن شاء لم يفعله دون أي حق لأحد في لومه أو مؤاخذته,إن هذا ما نراه في:
-       عقود الإذعان حيث يملك طرف كل الحقوق ولا يعاقب على خطأ مهما كان,ويقع على الطرف الآخر كل الواجبات وتفرض عليه كل العقوبات.
-       قوانين الظلم والطغيان حيث يفرض على المواطنين الواجبات والعقوبات في حالة تقصيرهم أو مخالفتهم للقانون,أما أهل السلطة فلا حق لأحد عليهم مهما أخطأوا.
-       أهل المن,فهم يمنون على الغير بما فعلوه لهم لأنهم يرون أن لا حق لأحد عليهم,وأن أي شيء يفعلونه هو كرم وعطاء ليس مفروضاً ولا واجباً عليهم,حتى أنهم يمنون على الرسول بأنهم أسلموا,وكأن إسلامهم كان تكرماً على النبي وأمر سيعود عليه بالفضل ويحقق له خيراً لذاته يسعى إليه ولا حق له فيه أصلاً:
·       {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (17) سورة الحجرات
·       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (264) سورة البقرة
·       {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (262) سورة البقرة,إن المن يعني القياس على العدم أي قبل أن يعطي,أو افتراض امتناعه عن العطاء.
6- التوقف عند الوسيلة وتعظيم قدرها لفشله في استخدامها للوصول للغاية,والتنكر للغاية وتجاهلها(الهروب من المقصد إلى الشكل):
-       فمن فشل في تحقيق الإنجاز المطلوب في مصنع أو مؤسسة أو مدرسة نجده يبالغ في التدقيق على الحضور والانصراف وشكل الملابس والهيئة الخارجية,والزينة والشعارات الملصقة في كل مكان.
-       وكذلك من فشل في تحقيق الهدف من الدين وهو بناء الفرد المتحضر وبناء الحضارة الصحيحة نجده يبالغ في تعظيم قدر الإيمان بالغيب ويؤلف من المسائل ما ينشغل به ويشغل به الآخرين,وكذلك من تعظيم للنسك والشعائر والتفنن في شرح أدائها,والتعمق في وجوب أدائها ليس بالجسد بل بالروح والنفس والقلب والمشاعر مما لم ينزل الله به سلطاناً,ومما يخرج عن فقه النسك والشعائر.
-       من جاءه أمر أو أوامر محددة فعجز عنها أو لم يرد عملها,فلا يجد إلا في غير تنفيذ الأمر مهرباً له,فيتغزل في كلمات النصوص,ويحول الأوامر التي يجب أن تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع إلى ما يشبه الشعر أو النثر,فينشغل بجمال ورقة الكلمات ودقتها,ويكثر من ألفاظ التعجب والانبهار بالأوامر دون أن نجد من شأنه شيئاً يدل على قناعته بها وتنفيذه لها.ولعل ما نراه في تعامل الكثير من الناس مع أوامر الكتب المقدسة مثل القرآن والإنجيل والتوراة لدليل على ذلك,فهم يحولون النصوص إلى أي شيء غير التطبيق في الواقع,فمن التبرك بها إلى التغني بكلماتها وترديد علامات الانبهار بما فيها من روعة وجمال,أما السلوك فلا علاقة له بما في تلك الكتب.
-       وكذلك الطالب الفاشل في استيعاب المنهج نجده يبالغ في السهر للاستذكار,ويتفنن في شراء الأقلام والكراسات والكشاكيل ذات الألوان والأشكال العجيبة,ويفرض على البيت أن يتعايش معه في محنته مما يخلق جواً من التوتر الدائم. إنهم يفعلون ذلك لتقبل أنفسهم أنهم يعملون ما عليهم أما النتائج فإنهم يحيلونها إلى الله وينفضون أيديهم منها.
7- توهم مرجعية فاسدة والعمل طبقاً لها لموافقتها لهواه:هنا يريح الفرد المنحرف نفسه وضميره عن طريق خلق مرجعية تخيلية لعمله,فإذا وجد أن عمله مطابقاً لهذه المرجعية ارتاحت نفسه واطمأن قلبه,ولا يفيق من أوهامه إلا إذا فوجئ بمن يحاسبه طبقاً لمرجعية أخرى,سواء حدث ذلك في الدنيا أم في الآخرة.والأمثلة على ذلك:
-       الطالب الذي يجعل مقياس الأداء الدراسي في المظهر الجميل وفي الحضور المنتظم للدراسة وفي الاحترام الشديد والتبجيل لهيئة التدريس,وفي السمع والطاعة لأوامرهم,وفي المشاركة في النشاطات المختلفة,الرياضية والفنية والثقافية والترفيهية,ثم يفاجأ بأن مقياس ومعيار النجاح في آخر العام يقتصر على الحصول على أعلى الدرجات في الامتحان النهائي.
-       قائد المؤسسة أو الشركة أو الوحدة العسكرية الذي ينتظر التفتيش السنوي على أحر من الجمر,ممنياً نفسه بأعلى درجات التقييم وبأرفع الأوسمة والنياشين,ثم يفاجأ بسقوطه كمسئول طبقاً لمعايير الأداء والإنجاز المتفق عليها.
-       العابد لله الذي يحسب أنه من المهتدين,ثم يفاجأ يوم القيامة أنه كان مخادعاً لنفسه وأن مقياس الأداء ومعيار النجاة من النار ودخول الجنة كان مختلفاً تماماً عما تخيله وتوهمه:
·       {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (39) سورة النــور.
·       {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (104) سورة الكهف
·       {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (30) سورة الأعراف
·       {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} (37) سورة الزخرف
-       من يشمر ساعده للطعن في الإسلام,فلا يجد إلا التاريخ بما فيه من أحداث وشخصيات فيطعن فيها,وكذلك ما نسب للرسول(ص) من أحاديث ضعيفة أو موضوعةولا يقترب من نصوص القرآن وصحيح الأحاديث,ولا يقبل أن يضع معياراً واحداً لتقييم أي دين أياً كان اسمه,بل يطعن في الدين المخالف له ويرفض أن يقبل الطعن في دينه من خلال المقياس نفسه الذي طعن به الدين المخالف.

الباب الثاني
محاولة فرض مرجعية تناصره
أ-إلصاق القيم بأعماله المنحرفة وإطلاق ألفاظ متغايرة للأمور (الثلاثة الذين تسعر بهم النار):فهو يسرق الأغنياء ليسلبهم ما سرقوه من الفقراء وهو يعطي بعض هذا المال للمحتاجين والفقراء.أو أن هذه الضحية تتصف بالكبر والبذخ والتعالي على الناس.وهو يكذب للإصلاح بين الناس وعمل الخير,وهو يسخر من الناس ليدخل السرور إلى نفوسهم,وهو يحكم بالدكتاتورية ليسرع خطى الإصلاح بعيدا عن الجدل والمهاترات.وهو يقهر المفسدين والطامعين في السلطة وليس أهل الإصلاح,وهكذا حين يزني ,أو ينافق,أو يرتشي.
-       فالزنا: ممارسة للحب.
-       والقهر والظلم والضرب: سيطرة على الأوضاع.
-       والجرائم: تجاوزات غير مقصودة .
-       والعدوان: حق في إخماد الفتنة في مهدها وضمان الأمن وعدم الانتظار حتى يتم الضرر.
-       والنقد الموجه له: تنفيث عن مكنون النفس من العداوة والحقد والكراهية.
-       التبذير والإسراف وإنفاق المال في غير محله:الكرم
-       التهور والتسرع باللفظ والفعل:شجاعة.
-       الهروب من مهمة بناء الحضارة,والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,والانغماس في الشعائر والحفظ والصيام والعمرة:تدين وورع.
-       منافقة الكبار ومن يحتاج إليهم بالكلام والهدايا والزيارات,والإعراض عن أهل الاستقامة:تودد ومجاملات.
-       الهمز واللمز والسخرية والغيبة والنميمة الصادر منه:قول الحق ولا يخشى لومة لائم.
-       الحساسية والتوتر من ذكر العيوب أمامه :الامتناع عن الغيبة والنميمة
-       السطحية والتبعية وفقدان الدليل والبرهان على منهجه وسلوكه ومعتقداته:تجنب الجدل والمراء.
-       وذكر العيوب والمؤاخذات والأخطاء: معايرة وشماتة وتصيد للأخطاء.
-       أما الخضوع والخنوع لما هو قائم,والرضا بالواقع,والسمع والطاعة العمياء: فهو الأدب والصلاح والسمو والرقي وعظيم التربية .
إن النقد وكشف العيوب في منهج الأسوياء هو من أعظم وسائل الإصلاح,بل يعد صاحبه من أهل الرأي والإبداع والابتكار,ويكافأ أهله لما يقدمونه من خير للكيان يؤدي للتطور والانتقال للأفضل ,أما رفض النقد والإعراض عن مواجهة الأخطاء فهو الموت والهلاك.
ب- وضع مرجعية فاسدة:وذلك بالزيادة أو بالنقص(اختزال الأسباب لسبب واحد أو اثنين) أو بنقل الموضوع إلى نقطة بعيدة:
*- وضع مرجعية فاسدة:فحين نناقش عوامل زيادة الجريمة لمعالجة ذلك على أرض الواقع نجد من يقول:إن سبب اقتراف الجريمة هو خلل في الجينات,وكيماويات الدماغ تدفع الفرد للعدوانية,فلا يجد من يسكته ويقول له:وماذا سيترتب على ذلك؟,هل نتركهم لأنهم ضحية جينات وكيماويات؟
-       وحين نناقش العوامل التي سببت تغير المجتمع للأسوأ ووجوب سرعة التعامل مع هذه القضية نجد من يقول:إن السبب هو في التغيرات العالمية ونشوء جيل مختلف عمن سبقه في الطبائع,أما في الحل فنجد من يقول:إن المجتمع بكامله مسئول عن الحل,وبذلك يميع الموضوع لأن الحل هو في يد أصحاب السلطة وحدهم أما المجتمع فهو من يتفاعل مع ما تصنعه الحكومات .
-       وحين نناقش مشكلة أسرية مثل زيادة معدلات الطلاق وحالات الشقاق والنكد بين الزوجين نجد من يقول:لو أن كلا من الزوجين اتقى الله وتسامح مع الآخر لانصلح حال الأسر.
·       نقل الموضوع إلى نقطة بعيدة:فمثلاً إذا تناقشنا عن أسباب ضعف نتائج الطلبة ومستواهم نجد من يقول لك:إن كل شيء أصبح أسوأ مما كان فحتى الأقلام وأدوات الكتابة لم تعد مثل تلك التي تعلمنا بها قديماً.
وإذا تناقشنا في مواصفات الأخشاب التي يلتزم بها المستوردون نجد من يقول:وهل سنجد النجار الماهر الذي كان يصنع كل شيء بيديه قبل وجود الماكينات الحديثة.
3- اختلاق الأدلة والبراهين التي تسانده في ضعفه وانحرافه عن السوية: من القصص والحكايات المنسوجة,أو الأحداث النادرة,والأحاديث الضعيفة والمكذوبة,والتفاسير الشاذة للقرآن,وأقوال من رأوا في المنام,أو من زعموا حدوث معجزات وخوارق للعادة,فتجدهم لا يملون من تكرار ذلك في مجالسهم ويحرصون على أن تحتل هذه الأوهام صدارة المجالس.أو يجعلون لكل أمر أدلته في جانبيه,فهناك أدلة تؤيده إذا أنفق وأدلة أخرى تؤيده إذا بخل,وكذلك إذا كان شجاعاً أو جبن , وإذا تكلم أو صمت,وإذا دافع أو انسحب,وإذا حضر أو غاب,وإذا هلع أو صبر.
4- تبديل المضمون ليتوافق مع منهجهم,بدلاً من أن يتوافقوا هم مع المنهج:
1-{فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (181) سورة البقرة
2-{أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (75) سورة البقرة
3-{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (78) سورة آل عمران
5- التترس بالضعفاء:أي أن يجعلوا الضعفاء ترساً وحائطاً يلوذون به لحمايتهم وستر ضعفهم العلمي والفكري والنفسي:فكلما طلبت منهم طلباً يهدف للرقي والرفعة تحججوا بالضعفاء,إذا طلبت من خطيب الجمعة أن يرتقي بخطبته زعم أن الغالبية من الناس هم من العوام الذين يصعب عليهم فهم أكثر من ذلك,وكذلك إذا قدمت لرئيس تحرير مجلة أو صحيفة مقالاً,أو عرضت على قناة فضائية أو محطة إذاعة برنامجاً يسمو بالفكر والسلوك,وإذا عرضت على مسئول مشروعاً لتغيير المجتمع زعموا أن الناس بجهلهم وتخلفهم سوف لا يقبلون ذلك وربما يحدث من ذلك الفتن,والواقع أنهم هم أهل التخلف والجهل والاستمتاع بقيادة السفهاء.
الباب الثالث
التلاعب بالمنطق واللعب على الحبل الذي يكسب به:
1-الاستدلال المغلوط:فيقول مثلاً:أليس من حقي أن أحيا,أسكن في مسكن مناسب,أنفق على أولادي,أعيش في أمن وسلام,فلا يستطيع أحد أن يقول له لا..ليس من حقك,وكأن المنطق يقول طالما أن ذلك من حقه فيجوز له أن يفعل ذلك كيفما شاء.
أو الاستدلال بالغيب في أمور الشهادة أي الواقع والعكس,فإن سألته لماذا: لم تحضر,سقط فلان في الامتحان,حدثت هذه الكارثة,آمن من آمن وكفر من كفر,تخلف بعض الشعوب عن الحضارة,أجابك بثقة: إنها إرادة الله,وقضاؤه وقدره.
وكذلك من أساليب الاستدلال المغلوط هو أن يتعمد البناء على النفي والشك والاحتمال وليس على اليقين,فيقول إن العلم يخطئ,والبصر يخطئ والسمع يخطئ, والفقهاء يخطئون,والمفسرون يختلفون,ويقصد من ذلك إنكار أن يكون للعلم أو السمع أو البصر أو الفقهاء أو المفسرون دور محدد في الحياة.
إن الاستدلال المغلوط يستخدم الألفاظ والعبارات الفضفاضة ويتجنب تلك التي تتميز بالدقة والتحديد ,ومن الأمثلة المشهورة على ذلك:
-       إن الله لم يخلق أحداً بلا عيب:
-       إن أحداً ليس معصوماً من الخطأ:ويقصد به تبرير أخطائه أو أخطاء أحد ممن ينتمي إليه.
-       هل كل من رسب في الامتحان فاشل؟:ليدافع عن رسوب أحد في الامتحان.
-       هل كل من خرج عن القانون مجرم:ليساوي بين مخالفة مرورية وعدوان على مال أو عرض او نفس.
-       إن الله يغفر الذنوب جميعاً:يريد أن يتساوى من أصلح مع من أفسد.
-       هل يحرم على المتدينين الترفيه عن أنفسهم:يفسر التناقض بين تدينه المزعوم ووجوده في أماكن تقدح في مروءة صاحبها.

2- التوقف عند الشكل النهائي لأمر دون ذكر البناء الذي كون هذا الشكل:ويكون ذلك في صور متعددة:
أ- الحديث عن الشكل النهائي المفترض وجوده دون ذكر عناصر البناء والمراجعة والحماية والضمان التي يجب توافرها لتحقيق هذا الهدف:مثل الحديث عن المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع الرفاهية والعدل والمساواة والرحمة والود والحرية,ثم يترك لكل فرد أن يحلم بذلك أو يحاول أن يحققه بنفسه.
ب- ذكر ما يجب أن ينتج من الآلية الصحيحة دون ذكر أسباب غياب ذلك واقعياً:إن المبادئ الاشتراكية تؤدي في حال تطبيقها إلى الرخاء والعدل والمساواة...الخ.,إن العقيدة الإسلامية والشعائر من صلاة وصيام وحج وعمرة,وإدامة ذكر الله سوف تنتج إنساناً رحيماً أميناً تقياً نقياً..الخ.
إن الحياة الزوجية في الإسلام تتميز بـ:....,إن المال في الإسلام مسخر كله للخير ومثال ذلك:....,إن عقود الشركة بين الشركاء في الإسلام تصل إلى أعظم وأجمل ما وصلت إليه البشرية فهي تتصف بـ:...,وهكذا.
ج_ التساؤل عن غياب هذا الشكل النهائي بالتعجب وربما بالتحسر والبكاء:لماذا لا نكون من أهل الصدق والوفاء والشهامة والعدل والاستقامة؟ . أو:لماذا ضاعت الأمانة وتأخرت الأمة وتفشى فيها الظلم والجهل والبغي والعدوان؟.ثم لا إجابة أو أن تكون الإجابة سطحية وبسيطة وساذجة كعدم ذكرها سواء بسواء.
د- ذكر التجاوز أو رد الفعل والتغاضي عن الفعل الأصلي,لقد سبني وآذاني,لقد سرق المال من بيتي,لقد اختطفوا أحد أبنائي.
هـ ما تفعله إسرائيل ويردده الغرب في حقها في العيش في أمان والدفاع عن نفسها ومنع من يهدد أمنها من تملك ما يمكنه من ذلك,والبطش بالفلسطيين لأنهم يعتدون على مواطني إسرائيل,أما كون إسرائيل قد استولت على دولة وطردت أهلها منها وبطشت بهم فهذا لا يدخل ضمن موضوع النقاش.
وـ تعمد التغاضي أو التغافل عن جزء من عناصر الدليل واختيار عنصر أو عدة عناصر وإظهارها وكأنها هي كل الدليل, ومن ثم الطعن في الدليل ككل.إن من يفعل ذلك يريد أن يكون من يحكم على الأمر جاهلاً بالدليل الأصلي ولا يستقي معلوماته إلا من خلال أدلته هو.
3- قول الحق الذي يراد به باطل:فهو يقول حقيقة صحيحة مبتورة ليفهم منها أمر هو في ذاته باطل,ولأنه لا يمكن أن يقول هذا الباطل مباشرة لعلمه بأن ذلك مرفوض من الجميع ويرفضه العقل والمنطق,لذا يلجأ لهذه الحيلة,فيقول الحق المتفق عليه والذي منه يمكن أخذ الدليل والبرهان على صواب أمر لا يمكن أن يتقبله أحد.فإذا نبهته للقصور الذي لمسته منه في تربية أولاده قال:إن التربية من الله,أو لو كانت التربية من الأب أو الأم لما كان ابن نوح كافراً,ولما خرج من عبد الله بن أبي ولده الصالح. وإذا قلت إن الفرض على كل إنسان أن يسعى للكمال,رد عليك:إن الله لم يخلق إنساناً كاملاً حتى الأنبياء,وإذا دعوت لبذل الجهد لتحقيق النجاح قال لك:إن قصص الذين بذلوا الجهد ولم يحققوا النجاح أكثر من أن تحصى,وإذا قلت :يجب أن نأخذ الحذر والحيطة حتى لا يحدث لنا شيئاً يفسد علينا الأمور,رد عليك:لا يغني حذر من قدر,وإذا قلت يجب أن نتعلم العلم لكي نضمن النجاح ونتجنب الفشل,رد عليك:لا يقع إلا الشاطر.وإن قصة الخوارج مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قالوا:إن الحكم إلا لله,ويريدون بذلك ألا يكون هناك حكم للبشر خلافاً لسنة الله في كونه .إن اللعب بقاعدة"لكل مقام مقال" هو من أشهر الحيل الدفاعية,فهناك حقائق تقال في ظرف معين فيصبح لها دلالة معينة,بينما إذا قيلت العبارة نفسها في ظرف آخر فإنها تحمل معنى مختلفاً تماماً,وكذلك فإن التصرف الحكيم في موقف يعد حمقاً في موقف آخر,فمثلاً إذا اغتصب إنسان حقاً لغيره,فإننا يجب أن نقف مع المظلوم بكل قوة حتى نأخذ حقه,فإذا تبين لنا استحالة استرجاع حقه كاملاً فإننا سنحاول أن نعيد لصاحب الحق أكبر قدر ممكن,ولهذا فإننا سنتعامل مع المغتصب بالترهيب واستعراض القوة إذا تبين لنا احتمال رضوخه وإذعانه نتيجة للتهديد,أما إذا خشينا من أن يؤدي التهديد لهروبه وضياع الحق فإننا نلجأ للترغيب والتعامل باللين والتلطف وتحفيزه على الوفاء بقدر ما يستطيع ونبالغ في إغرائه,أما أن يكون لدينا القوة التي يمكننا بها استرجاع الحق فيقول قائل:فلنتعامل باللين ونراعي العفو والإحسان,أو يقول إن فلانا قد عفا عن بعض ما كان له لدى فلان وقبل بأخذ جزءٍ من حقه وليس كله,أو يقول لماذا لم تتعاملوا معه بمثل ما تعاملتم مع فلان,فإن ذلك كله حيلة للهروب من رد الحقوق يقوم بها الفاعل الأصلي أو من يقف مؤيداً له.
ومن ذلك أيضاً من يهرب من المواقف من خلال مجموعة تحصنه من التجاوب مع المواقف ويبدو فيها بمظهر الحكيم التقي,فإذا سألته عن أحد لتستفيد من خبرته في التعامل معه قال لك:لا أحب أن أكون حكماً على أحد ولا أحب أن أذكر أحداً في غيابه,وإذا سألته عن بيت تريد أن تصاهره وبلغك عنهم بعض ما يسوء قال:إن بعض الظن إثم,وهكذا.
وهكذا من يهرب من جهله فيتحصن بالغيب,فإذا سألته عن أمر يحتاج لبحث لنستخرج منه النتائج لنستفيد من ذلك في الحياة ولبناء الحضارة تجده يعزي كل أمر للقدر والغيبيات,فإذا سئل عن أسباب تفوق أحد أو فشله قال بلغة الواثقين:هذا من رزق الله وقدره في خلقه,وإذا سئل:ما الذي يساعدنا على حفظ القرآن وعدم الخلط بين الآيات المتشابهة قال:إن تقوى الله وخشيته هي التي تعين على ذلك وإن الذنوب هي التي تنسي القرآن.
 التلاعب بمواضع الكلام: فتراه يذكر الأقوال التي قالها أو التي قيلت له ولكن في غير مكانها,فيزعم أنه قيل له كذا فرد بهذه الإجابة,بينما تكون الحقيقة أن إجابته تلك لم تكن رداً على ذاك القول بل على قول آخر مختلف,أو يذكر أنه قال قولاً فقيل له كذا,والحقيقة أن ما قيل له كان رداً على قول آخر غير الذي ادعى,ثم يستشهد بالناس وربما تصل جرأته بالاستشهاد بصاحب القول نفسه ولكن يسأله سؤالاً محدداً:ألم أقل لك كذا,أو ألم تقل لي كذا,وهو يريد أن تكون الإجابة بنعم أو لا,ويرفض أن تكون الإجابة بتوضيح الصورة كاملة لأن في ذلك فضحه وكشف حيلته.
ومن صور التلاعب بمواضع الكلام تعمد الخلط بين أمور متعددة يحملها شيء واحد,مثل من يتحدث عن العلم,فيتلاعب بالحقيقة التي نعلمها بأن العلم يحوي أموراً كثيرة منها حقائق يقينية ومنها ظن وخيال وخرافات وغير ذلك, ولكنها جميعا تقع تحت منطوق العلم,وكذلك اليقين,فيخلط بين اليقين المادي الذي يدركه الناس بحواسهم واليقين الغيبي الذي يؤمنون به,ومثال ذلك أن يقول أحد إن أميركا لن تقبل كذا,فإذا قلت له إن القيادة الأمريكية ستقبل هذا الأمر قال لك :إن الشعب الأميركي يرفض ذلك,أو أن الطبقة الرأسمالية هي التي ترفض,أو الكونجرس أو مجلس الشيوخ أو المخابرات, فهو يقول أميركا دون تحديد منطقي لمدلول الكلمة ليتسنى له اللعب على الحبل الذي يريده.

4- أن يلعب بقاعدة"لكل مقام مقال",فيقول كلاماً صحيحاً ولكن في مقام مختلف,فمن استدان ولم يؤد الدين الذي عليه فإن من يدافع عنه ليبرر موقفه المؤيد له يقول:وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة,إن الله يحب العفو والكرم,التمس لأخيك سبعين عذراً,وهكذا,بينما هذه الأقوال تقال لصاحب الدين لإعانته على الصبر والرفق.وهكذا إذا تبين لنا ظلم طرف ضد طرف آخر مع سطوة وطغيان ذلك الطرف,فإننا نحاول الضغط على الطرف الظالم للحصول على أكبر مكسب منه سواء باللين والتلطف,أو بتحفيزه على الوفاء بقدر ما يستطيع,أما في حالة التمكن منه فإننا نهدده ونستخدم كل قدر من القوة والنفوذ لإحقاق الحق ومعاقبة الظالم,أما أن يأتي الظالم أو أحد من أعوانه ليطالبنا بأن نسلك المسلك الخطأ ويذكر النصوص التي تقال في الموقف الآخر فهذا من الزيغ عن الحق ولكن بدليل شكلي.
وكذلك الموقف من نرتكبي الذنوب,فقبل ارتكاب الذنب لابد من ذكر العقوبة والتهديد والوعيد الذي يمنع من التجرؤ على الذنب,أما بعد ارتكاب الذنب فإننا نحاول عودة هذا العاصي إلى الاستقامة فنذكره بعفو الله ومغفرته الواسعة,وبأنه يمكن لسيئاته أن تتحول لحسنات,وأن المرء ربما يذنب ذنباً ليمنعه من الغرور بنفسه والعجب بطاعته,أما إذا قيلت هذه النصوص لمن لم يرتكب الذنب فإن دلالتها مختلفة,فإن معناها هو الحض على اقتراف الذنوب.
5- أن يذكر الحق والحقيقة والصواب والاستقامة وأن ينتقد الباطل والضلال: فيستنتج الآخرون أنه على الحق والصواب لأنه يمدحه وليس به شيء من الباطل والانحراف لأنه يذمه,بينما سلوكه مناقض تماماً لما يخرج منه,والمثل الشعبي الفاضح لذلك هو"أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب",أي إن ما أراه من أمورك يناقض ما أسمعه من كلامك,وهذا ما حذر الله منه المؤمنين فقال:
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (3,2) سورة الصف
إننا نرى ذلك في رجال السياسة الذين تجلس مع أحدهم فيذكر لك صور الفساد والانحراف دون أن يتذكر أنه منهم وأنه يفعل مثلما يفعلون,وعضو هيئة التدريس في المدارس والجامعات الذي يسخر مما يفعله الأساتذة من استغلال وسوء إدارة ثم يتبين لك أنه لا يختلف عنهم في شيء,وهكذا التجار والأطباء وغيرهم.
6- قلب الجد إلى هزل,والهزل إلى جد,تبعا لما يحقق له توازنه أمام الناس:لقد كنت أمزح,لماذا أخذتم الموضوع مأخذ الجد.ثم في موضع آخر:لا.. هذا الأمر لا يحتمل الهزل.أو اللعب على أحبال المنطق والعواطف والغيبيات في الوقت نفسه,إذا حدثته من خلال حبل منها قفز إلى الحبل الذي يكسب به,فإذا تحدثت من خلال المنطق(القانون والصواب والحزم من الأمور),تحدث لك عن الحب والمودة والرحمة,وإذا تحدثت في أمر عن الحقائق واليقينيات قفز إلى الإيمان والمعجزات.
7- الإسقاط:هو اتهام الغير بما يراه في نفسه,"رمتني بدائها وانسلت",فيتهم غيره بالأنانية والبخل والمماطلة في أداء الحقوق,والحسد والحقد وحب الأذى للناس,وأكل أموال الناس بالباطل,والفشل والغباء,والتبعية والتواكل,والمراوغة وعدم الوضوح ورفض الانقياد للحق بينما كل ذلك هي من صفاته الشخصية.
وإذا كان في كيان نجده يكثر من اللوم والسخرية والضجر مما يراه دون أن يكون حريصاً على سلاسة سير الأمور,فهو إن أدى عملاً أذاعه وأعلمه للجميع,ثم توجه لغيره فبحث عن الزلات ومواطن الضعف وأخذ يثيرها ويعظم من خطرها,أما أداؤه داخل الكيان فكله زلات ونقص وعلل.
وإذا حدث خلاف بينه وبين أحد عظم أخطاء غيره وتغاضى عن أخطائه{ضربني وبكى وسبقني واشتكى}
8- إقران الحقائق بالنوايا,فما ينسب له أو لمن يكون مدافعاً عنه يقرنه بحسن المقصد,أما ما ينسب لخصمه فلابد أن يقرنه ويسبغ عليه صفات سوء المقصد,كالخبث والخداع والتظاهر بالصلاح,فحين يروي واقعة محددة يسبق حديثه عن محبيه تعبير:فقال وهو يريد الخير ويأمل فيه,أو قال وليس في نيته شيء من السوء لأحد,أما حين يتحدث عن خصومه فيصف أحوالهم بكلمات:والحقد يملؤه,ولم يستطع أن ينسى الماضي,وهو يضمر الشر,أو وقال باستفزاز وتهكم وسخرية,وهكذا.
9- تقنين الجمود ورفض الخضوع للحق:وذلك بتبرير الكبر والتشبث بما هم عليه,وأدواتهم في ذلك الآتي:
·       إنهم لا يقبلون أي أرضية مشتركة للاتفاق,لأن ما سيقام عليها لن يكون إلا في غير صالحهم,ولهذا يزعمون أن البشر مختلفون في كل شيء.
·       رفض وجود مرجعية عامة للبشر يمكن التحاكم إليها,والطعن حتى في مرجعية الحواس(السمع والبصر واللمس والشم والتذوق)
·       تعمد الخلط بين مصادر السلوك,فما كان من الهوى نسبوه للعقل والفطرة,وما كان غريزياً وصفوه فطرياً,وهكذا.
·       رفض أن يكون في الكون شيئ اسمه حقيقة,فكل أمر يمكن الطعن في حقيقته,أي في وجوده.
·       فإن أقروا بوجود الحقيقة طعنوا في طبيعتها أي في صفاتها ومميزاتها ووظيفتها وأثرها في الحياة,أي ما يمكن أن يبنى منطقياً على هذه الحقيقة, فنقول إنها يمكن أن يحدث منها كذا وكذا,وأنها يمكن أن تفيدنا في كذا وكذا,وأنها لا علاقة لها بكذا وكذا.
·       فإن اتفقوا فيما سبق طعنوا في شمولية ذلك في الحياة,وقالوا إن هذا أمر نسبي يختلف فيه الناس حسب أهواءهم وقدراتهم العقلية والجسدية,فلا يلزمهم جميعاً.
·       فإن اتفقوا في كل ما سبق زعموا أن هذا لا ينطبق على الأمور الخاصة,وزعموا أنها حاكمة للأمور العامة,فلديهم أن الدين والقانون والعادات والتقاليد والتراث والثقافة والفكر الخاص كلها أمور لا يسري عليها كل ما سبق لأنها فوق العقل والمنطق.
10- الاحتجاج بالضعفاء لمنع الانقياد للصواب أو لإخفاء ضعف مستواه:
-       فإذا طالبته بالمسارعة في أمر اعتذر ببطء المرضى والضعفاء
-       وهكذا إذا طالبت بالعطاء والبذل ذكروا لك قدرات الفقراء
-       إذا عاتبت خطيباً لمسجد وطالبته بالسمو بخطابه فوق هذه التفاهات والقصص المفبركة قال لك إن مستوى الناس لا يتحمل أكثر من ذلك.
-       إذا قدمت نصاً مسرحياً أو قصة لفيلم قالوا لك إن الناس لا تأتي لتبحث عن الحكمة والعلم والتحضر ولكنهم يبحثون عن التسلية واللهو.
-       إذا قدم لرئيس تحرير صحيفة أو مجلة مقالاً رفيعاً زعم أن القراء معظمهم من البسطاء والعوام ولن يفهموا مضمون ذلك.
-       إذا اقترحت على مسئول خطة لتطوير العمل والارتقاء بمستوى المؤسسة أظهر السعادة البالغة وقال لك:سنأخذ رأي العاملين,لعلمه أنهم لا فهم لهم ولن يقبلوا أي تغيير.
-       إذا احتاجت زوجة شيئاً مما تخجل من طلبه قالت لزوجها إن الأولاد يريدون: أن يتفسحوا,أو يشتهون الطعام الفلاني,تغيير أو تجديد شيء في المنزل
11- ترك اليقين وورفض البناء على الحقائق, والتشكيك في كل شيء, والركون إلى الاحتمال وذكر العبارات بصيغة النفي.,فحين يتعامل مع الأحداث بطريقة مخالفة للمنطق يتحجج بكلمات:عسى ,وربما ,وألا يمكن أن يكون كذا,ويرفض أن يتفق معك على أي شيء.وكلما ذكرت حقيقة ذكر لك نفيها أو ما يشكك فيها,فإذا قلت إن الشمس تطلع من المشرق قال لك:إن الغمام يحول بين رؤية الشمس فلا ندري أين هي ولا أين المشرق,وإذا قلت إن المال أساس لإقامة المشروع قال:إن المال ليس هو أهم شيء,وإذا قلت إن المريض لابد أن يعرض على الطبيب قال:كم من مريض مات بعد عرضه على الطبيب.
11- تعمد قصر الأمر على جوانب محددة,وإجبار النفس والغير على الدخول في أنفاق معدودة,وإغلاق الطرق أمام أي محاولة لفتح نفق يمكن أن يؤدي لرؤية الموضوع رؤية شاملة وواضحة وواسعة,والتأكيد على قطع أي صلة يمكن أن تجعل الموضوع يسير في غير ما يريد ويهوى.
الأمثلة على ذلك:
·       أن يحذرك من تجاوز حدود تناولك للموضوع,فيحدد لك الجوانب المسموح لك بتناولها ويهيج ويثور إذا لامست أياً من الجوانب التي يمكن ان تكشف ستره وتفضحه.
·       أن يحدد لك بداية الموضوع التي يجب أن تبدأ بها وأن تبني عليها,ولا يسمح لك ببداية غيرها,كالأمثلة التالية:
-       المحامي الذي يطلب من الشاهد أو القاضي أن يبدأ موضوع القضية من نقطة محددة,لأن ما كان قبل هذه النقطة يدين من يدافع عنه.
-       العلوم الإنسانية:علم النفس والاجتماع والفلسفة والمنطق,يرفضون أن نبدأ بالقصة من أولها وهي بداية خلق الإنسان,وما جعله الله داخله من غريزة وفطرة وهوى وذاكرة(تحوي العقل والمنطق),وعاطفة,وما خلق الإنسان له من إعمار الحياة,وما ينتظر الإنسان من موت وحساب وجنة ونار.
-       علوم الدين:في كل الأديان علماء ألفوا الكتب وصنفوها,وكان أساس ضلال من ضل منهم هو أنهم يبدأون الأمور بما في أيديهم من نصوص يقولون إنها من الوحي,ثم ما قاله من سبقهم من البشر,ولا يبدأون بما خلقه الله في الإنسان وأنزل الدين مطابقاً لطبيعة خلقته من عقل ومنطق وفطرة.
-       المغتصب الذي يغتصب أرضاً أو مالاً ثم يحدث صراعاً بينه وبين من اغتصب حقه,فيطلب منك أن تبدأ الموضوع منذ بدأ الصراع بينهما وليس منذ بدأ اغتصاب الحق,لكي يبدو الأمر وكأنه عدوان من المتضرر على المغتصب.
·        أن يحدد النقاط التي يجب أن يراعيها صاحب الموضوع وأن يغفل النقاط التي تكشف ستره وتضره,أو يحذرك مباشرة من ذكر أي من هذه الأمور لكيلا يحدث لك مالا يسرك,ولكي لا ينقلب الأمر عليك.

الباب الرابع
اللجوء للكذب الصريح والضلال المبين
1-قلب الحقائق(البجاحة):فنسمع منهم مثلاً:
لقد رأيت هؤلاء المسجونين سعداء بالحكم ويعتبرونه مخففاً .
أن المطر لم يكن بالقوة التي تجعلنا نطلق عليه لفظ المطر.
إن هذا أمر لا يتحدث فيه إلا المتخصصون,فهل أنت منهم؟.
إن كل من يقول ذلك هم من الكذابين المغرضين المتواطئين.
وصف الشئ القبيح بالجميل والعكس,والمكان الضيق بالواسع والعكس,والطريق الوعر بالناعم والعكس,ثم قلب ذلك كله حين يصير الأمر ضد مصلحته,مع التشبث بالكذب حتى آخر لحظة
- إنكار الحواس:وهل العين لا تخطئ,وكذلك السمع واللمس والشم والتذوق.
- إنكار الغريزة:أنا لا أشعر بالغيرة على زوجتي ولا على بناتي,لماذا أحب المال والأولاد؟,إن حب المعرفة تطفل لا يليق بالبشر,أنا لا أحرص على الحياة.
- إنكار الفطرة:إن الأخلاق والقيم غير موجودة داخلنا بل نتشربها من المجتمع والبيئة.
2-إعلان تحقق رغبته فيما أصبح فيه,والعيش كما لو كان هذا هدفه:عند فشله في تحقيق أمر فهو يخشى أن يعلن للناس فشله,فيتقمص دور المحب والولهان للوضع الجديد,ولا يتحدث إلا عن مميزات وفوائد ما حدث وعيوب ونقائص ما كان يهدف إليه.
3-إختلاق الأدلة التي تؤيد موقفه ,أي أنه يصدر الحكم قبل وجود الحيثيات ,أو يصدر الحكم مسبقاً ثم يخلق له الحيثيات (التبرير) :إن السبب في فشلي هو أبي أو أمي أو المدرسة أو أصدقاء السوء,أو زوجتي أو جيراني,أو أحد أفراد السلطة والنفوذ.
·       يبالغ في ذكر ضعف إمكانياته المادية,أو قوة إمكانيات الخصم,أو القدر والنصيب,وهكذا.
·       إن ما حدث كان نزغ شيطان وكيد لم ننتبه له.
·       إن فلان هو سبب المشكلة لأنه تحدث بالأمر أمام الناس,أو أنه هو الذي كشفه وأذاعه.
·       أو لأنه صمت ولم يتحدث,ولو تحدث لما حدثت المصيبة.
·       إن المشاكل بدأت بعد زيارة فلان,إنه نحس وحسود.
·       إنني لم أكن في كامل لياقتي النفسية,بسبب:الحر الشديد,البرد الشديد,المطر,تأخر الأولاد في الرحلة,المرض,الإرهاق.
·       لقد سببت الأحداث القائمة وقتها ضغوطاً نفسية علينا,مما جعلنا لا نحسن اتخاذ القرار الصحيح.
·       إن هناك مؤامرات وأيد خفية كانت تعبث في الخفاء.
·       وضع النتائج موضع الأسباب:فيقول إن سبب انحرافي أو فشلي أو اتجاهي للإجرام هو أن أبي كان يكرهني,وأمي كانت تحرضه على إيذائي
·       {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} (18) سورة يــس
·       إن إخوتي كانوا متكتلين كلهم ضدي,ولم يشعرني أحد بالعطف والحب والحنان,وأن الناس لم تضع ثقتها في ولم يشعرونني بأنني موضع ثقة,وكانوا لا يصدقون حديثي,ولم يدر أنه يخادع نفسه لأن ما ذكره هو نتيجة أعماله وليس سببها.
4- الهروب من مركز الموضوع إلى الأطراف(الزيغ) أو من الجوهر إلى المظهر والشكل الخارجي:إن الأساس في كل أمر هو المقصد والهدف من وجوده,ولكل هدف وغاية الوسائل التي تحققه,كما أن لكل أمر زوائد وأطراف تلتصق به ولكنها ليست من جوهره,فمن انشغل بالوسائل أو بالزوائد والأطراف ولم يهدف إلى تحقيق الغاية فهو في زيغ.إذن نحدد أولاً جوهر كل موضوع والهدف والغاية منه,فمن كان عمله في طريق تحقيق الهدف والغاية فهو على الصراط المستقيم,أما من كان كل همه وانشغاله في الوسائل والزوائد والأطراف فهو في زيغ.يطبق ذلك على الدين والقانون والتجارة والصناعة والمهن وكل أمور الحياة.
فإذا سألت لصاً مثلاً لماذا سرقت؟ لم يجبك عن سبب السرقة أو ينفي قيامه بها,بل يدخلك أحد الفروع الجانبية فيقول لك:
لماذا تسألني بهذه الطريقة؟ هل أنت وكيل نيابة أو ضابط شرطة؟
هل ترى أن هذا الوقت والمكان مناسب لهذا السؤال؟
هل من حقي أن أسألك عن كيفية حصولك على مالك؟
هل شاهدتني وأنا أسرق؟وهل تصدق كل ما يقوله غيرك؟
إن هذه تهمة عظيمة فكيف تجرؤ على اتهامي بها؟
وهكذا في كل شأنه,كلما حاورته في موضوع وقدمت إليه الأدلة على صوابه ومنطقيته,هرب من بؤرة الموضوع إلى أطرافه أو إلى متعلقات خارج المضمون,لماذا ؟لأنه يعلم أن موقفه ضعيف,ولا يريد أن يتجه إلى الحق لأن فيه خسارته أو افتضاح أمره,والحل يكون في سحبك في اتجاه بعيد ثم جعل الموضع الجديد هو بؤرة الموضوع,نرى ذلك في من يغش,أو يقتل,أو يزني,أو ينهب,أو يهمل.إن كل من ارتكب خطأً واضحاً ثم واجهه الناس به,سنجده أمام أمرين:إما الإقرار والاعتذار,أو الهروب والمراء أي الجدل بالباطل,ولعل الساحة السياسية والفكرية هي أوسع الساحات عرضاً لموضوع الهروب,وكذلك يمكن معايشته في ساحات المحاكم خلال مرافعات المحامين.
وكذلك نرى ذلك فيمن يترك ما يجب أن يهتم به والذي ستنبني عليه الأمور,ويزيغ إلى أمور لا يمكن أن ينبني عليها شيء,مثل الأمور القدرية,فتراه يتوقف عند :لماذا جعل الله هذا الشيء بمثل هذه الكيفية؟.وهذا ما قال فيه الحديث:"من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"
إن القرآن قد بين عقاب الله لمن يزيغ عن الحق بأنه يصيب قلبه بالزيغ,ومعنى ذلك أنه حتى لو أراد الوصول إلى الحق فسيجد قلباً رافضاً للسير معه,ودافعاً له ومزيناً لطريق الضلال,فقال: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (5) سورة الصف
إن الرسل يأتون للناس بدين من الله,فيهربون من المعركة الرئيسة ويدخلون في معركة فرعية:
· {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ, قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}  سورة الأعراف} (59), (60) سورة الأعراف
· {وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (6) سورة الحجر
· {وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ, وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ } (33), (34) سورة المؤمنون
· -{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (66) سورة الأعراف
· -{فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } (27) سورة هود
· -{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} (24) سورة المؤمنون
· -{قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (78) سورة
· -{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ} (13) سورة البقرة
· -{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} (7) سورة الفرقان
· -{قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (111) سورة الشعراء
· -{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى

إن هذا النوع من الخداع يمكن أن نلمسه حين نرى مثل هذه الصور:
·        وزارة الصحة التي تهتم بحضور الأطباء وبضرورة ارتدائهم للمعاطف الطبية البيضاء,وبتعليق بطاقة كل منهم على صدره,وتحدد لهم طريقة استقبالهم للمرضى والإجراءات التي يجب أن تتخذ عند دخول المريض لكل قسم من أقسام المستشفيات وغير ذلك من الأمور المنظمة لحركة العمل ولكنها تغض الطرف عن سوء مستوى الأطباء,أو عن وجوب الارتقاء بالمستوى العلمي والتقني والفني لهم,فماذا سيفيد الناس من تنظيم دقيق ولكن مع طبيب قليل العلم و ضعيف الأداء.
·        التركيز من خطباء المساجد والدعاة ومتحدثي الفضائيات عن الإيمان وحصره في النسك والشعائر,فيقيسون زيادته بعدد الركعات المتنفلة ,وكم الآيات والسور التي قرأت أو حفظت,وقدر المكث في المساجد,مع طول فترات الدعاء,هذا مع إهمال شديد ومتعمد للارتقاء بقواعد المعاملات والسلوك وبناء الحضارة والأخلاق,وأصبحت الدروشة هي المظهر والبرهان على صدق الإيمان وقدره.
·       حرص بعض المتدينين على الشكل الخارجي من لباس ولحية وإهمالهم التعمق في العلم والفكر والثقافة,فهم كالبرميل الفارغ,وإن قصة العالم الذي كان يجلس مع تلامذته يعلمهم وهو يمد ساقيه أمامه استرخاء وليشعر بمزيد من الراحة,فدخل عليهم رجل عليه سمات أهل العلم,فلما رآه العالم اعتدل في جلسته وضم قدميه,فلما قال لتلامذته:يصوم المسلم إذا بدأ الفجر ويفطر إذا غابت الشمس,فقال الرجل:وإذا لم تغب؟,فقال يمد فلان قدميه(يقصد نفسه).
·       من يتعامل مع القرآن في كل جوانبه عدا العمل به وصبغ الحياة به,فهو يبالغ وينشغل ويوجه طاقاته إلى حفظه وطباعته وتفسيره ودراسة لغته وإعجازه وتزيين الحوائط والمخطوطات به
·       من يجعل كل همه حب النبي والصالحين والعلماء والوعاظ الأحياء منهم والأموات,ويغفل عن حب الله.
·       من يحدثك عن كل شيء عدا ما تحب أن تعلمه من حقيقة الشيء أي جوهره وأنت :تشتري بيتاً أو سيارة أو أحد الأجهزة,وأنت تريد مصاهرة عائلة,كالطبيب الذي يحدثك طويلاًعن كل شيء في العملية الجراحية عدا المال الذي ستدفعه,وتفاصيل العملية والأضرار المحتملة,
·       وكذلك من يتعامل مع المشاكل والهموم والنوازل فلا يبحث عن الأخطاء التي ارتكبت لكي يتم تداركها أو تعلم الخبرة منها,بل يهرب إلى الأقدار والغيبيات أو الظروف المحيطة من أحداث أو أشخاص,كمن رسب في الامتحان,فلا يبحث عن إهماله وتضييعه للوقت,بل يذكر المدرسين والمدرسة وشكل الأوتوبيس وتوقيت الامتحان,وكذلك كمن مرض فلا يذكر إهماله في صحته وإشباع نهمه في الطعام واستخفافه بقواعد النظافة وتجنب مخالطة المرضى,بل يذكر حسد الناس له وربما كان في المرض خيراً لا يدركه في حينه!.
·       حين يختبر مدرس تلاميذ مدرسة فيجد أن مستواهم العلمي متدني ثم يفاجأ بهم أثناء مناقشة مع أحد الوزراء أنهم يطلبون سرعة توظيف الخريجين وضرورة توفير أدوات الترفيه بالمدارس, أو حين يكتشف قائد وحدة عسكرية سوء مستوى الأفراد العلمي والتقني وتدني كفاءتهم القتالية ثم إذا بهم يطلبون مناقشة قائد الجيش في خطة القضاء على العدو ويريدون معرفة تفاصيل قواعد التعامل مع الأسرى والجرحى من جيش العدو,أو حين يتبين لعضو في حزب مدى تفسخ الحزب وضعف قياداته وجهل أعضائه وسخرية الناس منهم,ولما انتهز فرصة المؤتمر السنوي للحزب ليبين لهم وجهة نظره وجد أن جدول الأعمال سيناقش شكل الحكومة التي سيشكلها الحزب في حالة فوزه في الانتخابات,أو حين يقوم خبير بتقييم مصنع,ويحمل الأوراق الدالة على قرب انهيار المصنع وإفلاسه,فيلتقي بالمدير فإذا به يريد من الخبير أن يضع له خطة ليتمكن من الدخول في المنافسة العالمية وليس المحلية.
·        تعظم وزارات التعليم قدر الحضور والانصراف,والالتزام بالزي المدرسي,ونظافة الأبنية التعليمية,ومواصفات المقاعد الدراسية والسبورات, بينما لا تذكر شيئاً عن أهمية المنهج الدراسي والارتقاء بمستوى المدرسين,وإمداد المدارس بالإمكانيات الفنية المساعدة على الفهم والشرح.
·        تهتم قناة تليفزيونية أو إذاعية بالشكل الفني والإخراج وتهمل إعداد المذيع ورفع كفاءته , وكذلك المادة المقدمة,أو تذكر عند التقييم كل شيء عدا التقييم العلمي للمادة المقدمة.
·        تهتم دولة بإنشاء الملاعب والأندية وإقامة المسابقات ولكنها تبخل بالأدوات والخبراء الذين يمكنهم صناعة البطل الرياضي.
·       أن يبالغ مطعم في اختيار الأطباق والشنط التي تحمل الطعام بينما لا يهتم بجودة الطعام,أو يشتري أحدهم هدية لغيره لأن التغليف الخارجي يتميز بالجمال والرقة والإبهار,بينما يعلم أن نوعية الهدية تتصف بالرداءة.
·       من يخطئ بمعصية الله في عباده كالقتل والزنا والسرقة والظلم والعدوان فيكفر عن ذلك بالصلاة والصيام والحج والعمرة وكثرة الذكر,ولا يحاول رد المظالم أو الإحسان لمن أساء إليهم,أو حتى عمل الخير للمجتمع في أوجهه المختلفة.
·       من يحسب أن الله سيحاسب العباد على الأشكال,فمن أدى الصلاة والصيام والحج والعمرة وأكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ومن قيام الليل ومن الخطابة وحلو الحديث وحسب أن الله يحاسب على الشكل والأداء الظاهري فهو مخادع لنفسه,فالنسك والشعائر إنما فرضت لينتج عنها الاستقامة والتقوى,فإذا وجدت ولم توجد معها استقامة ولا تقوى فهل تقبل؟,إن الصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر هي مجموعة من التمارين الرياضية.إن الله قد حذرهم فقال:
-        {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} (23) سورة الفرقان
-        {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (39) سورة النــور,
-       {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (45) سورة العنكبوت
-       {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (37) سورة الحـج
-       {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} (263) سورة البقرة
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (264) سورة البقرة
-       {وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا} (38) سورة النساء
-        
إن العمل الذي لا يحمل داخله المقاصد فلا قيمة له
5-الهروب من المعركة الرئيسية إلى معركة فرعية أو ابتكار معركة مضمونة النتيجة(التسامي) و (التحويل) و(الإزاحة):
من عجائب قدرة الإنسان على خداع نفسه وغيره هو صنع معركة-وهمية أو حقيقية- والدخول فيها بقوة ثم إعلان فوزه فيها,أو هزيمة إنسان أو فئة أخرى دون إعلان الفائز.ربما يكون لهذا الإنسان علاقة بالمعركة أو لا يكون,ولكنه يدخلها بقوة إما لأن العدو غائب,أو لأن الأتباع الذين سيعلنون الفائز هم الكثرة.
ولعل أشهر الأساليب في ضمان الفوز الوهمي بالمعركة هو إبعاد الخصم عن ميدان المعركة,ففي السياسة نزع أسلحة الخصم أولاً ثم شن الهجوم,وفي الفكر:إدارة معركة فكرية دون حضور الخصم ويكتفى بذكر بعض آراء الخصم التي يمكن الرد عليها,أو ذكر آرائه مبتورة فلا يقبلها أحد,وفي القضايا بين الناس:تعمد منع الخصم من الحضور أو شهود الإثبات أو النفي الذين يمكنهم دحض الموقف,والإكثار من المؤيدين حتى لو لم يكونوا شهوداً.
ومن هذه الأمثلة أيضاً:أشخاص تعيب عليهم التفريط في دينهم وأخلاقهم واستقامتهم واحترامهم لأنفسهم بين أبناء الوطن وتفاجأ بهم يعلنون حرباً شعواء هم قادتها وجنودها ضد الإلحاد والشيوعية والديكتاتورية والخيانة والوقوف ضد أطماع الأعداء والدعوة إلى الوحدة والتكتل.بينما نرى آخرين فشلوا في حياتهم العملية فلا أفلحوا في العلم أو التجارة أو الصناعة ثم تجدهم يتوجهون نحو الدعوة للدين,فإلام يدعون؟,إنهم يدعون للحرص من الوقوع في فتن الدنيا والنساء والتمسك بالهدي الظاهر من لحية وجلباب وعمامة وطيب وسواك,وإذا كان ثمة معركة فضد شرب الخمر والربا والعري وسهر الشباب ليلا والاختلاط بين الجنسين,ووجوب محاربة الإسراف والتبذير,وضلال اليهود والنصارى ,ومن الواضح أن هذه المعارك تدور في ميدان ليس فيه خصم أو عدو بل هم أبطال الحلقة ومن معهم,فلن يجدوا من يرد عليهم أو يناقشهم,وإذا وجدوا فلن يقف مع خصومهم مؤيداً أحد.وكذلك التركيز على أفعال الجهال والعوام مثل بعض مظاهر الشرك كزيارة الأضرحة والتبرك بها,والذبح لها,بينما يتجاهلون جميع الجوانب التي تعاني الأمة من التخلف الحضاري فيها.
نحن لا نشكك في إيمان وصدق كل من يفعل ذلك بل نقصد فقط من يكون لديه معركة حقيقية تمثل أساس حياته وينسحب منها ويشعل معركة لن تؤثر على حياته ولن يفيده كسبها كما أنه لن يضره الخسارة فيها.
كذلك من شغل نفسه بحفظ القرآن والبخاري ومسلم وربما دواوين الشعر دون أن يبذل جهداً مماثلاً في فهم المعاني والتفقه في الدين.ويدور على الناس يردد ويسأل كم تحفظ من كتاب الله؟وهل تحفظ كذا وكذا؟.وكذلك من يجعل أعظم أمر لديه هو المسابقات,فلا يقابل أحداً ولا يجلس في مجلس إلا ويسأل من الذي فعل كذا؟,ومتى حدث كذا ؟ومن هو الملقب بكذا؟
ولعل ما يحدث في رمضان من امتلاء المساجد بالمصلين للتراويح والتهجد,وامتلاء المسجد الحرام والمسجد النبوي بالمعتمرين,بينما لو طلبت منهم أن يقضوا ساعة واحدة في التفكير الذي يفرق بين الحق والباطل,الاستقامة والانحراف,الخير والشر,الهدي والضلال,فلا تكاد تجد أحداً يستجيب,وإذا وجدت من يستجيب فلن تجد من يستمر,وإذا وجدت من يستمر فالقليل هم من يقبل تبعات التفكير ويلزم نفسه بها.
إن الأمة تعاني الآن من التخلف الحضاري,كما تعاني من السمنة العقائدية, والتخمة في النسك والشعائر,فالحديث عن الإيمان والتوكل والثقة في الله والرضا بحكمة والسعي للوصول إليه وكثرة الذكر وسماع القرآن والمديح في حب الله ورسوله وذكر مآثر الصحابة والصالحين,والحلاوة التي يشعر بها من يتفرغ للنسك والشعائر من صلاة وصيام وحج وعمرة,أو من كثرة الذكر والتسبيح,وقراءة القرآن وحفظه,والتفنن في الفوازير والأسئلة التي تتطلب حفظاً للقرآن والأحاديث والسيرة والتفاسير,وغير ذلك كثير,بينما الحديث عن مسئولية كل فرد في التيقن من أنه على الحق الذي لا شك فيه, ومعرفة كيفية الوصول للحق,ومقياس ومعيار تبين الحق من الباطل,ومعنى الإيمان وتبعاته,ومعنى الأمانة وصور خيانة الأمانة,والحلال والحرام, وكيف يتعلم كل فرد أن يتيقن من أن رزقه كله من حلال وليس فيه شيء حرام,ثم صور العلاقات السوية المتحضرة بين الناس مثل قواعد تناول الطعام والشراب وأصول الصداقة والزيارة والمشاركة والنصيحة والصحبة والعمل لدى الغير,وحقوق الناس وفرضية طلب العلم الذي نملك به الدنيا ونسودها ومثل ذلك,هذه الأمور مهملة بل ومحقرة لدي كثير من أفراد الأمة,لأنهم فاشلون فيها,أو متورطون في مصائبها,فيلجأون للهروب منها بتعظيم الغيبيات وعلوم المناسك والذكر والعقائد وغير ذلك من الأمور التي لا تمس انحرافهم,وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
إن النكتة التي تروى في ذلك- وأحسبها رمزاً للسخرية من طائفة من الناس أكثر منها للإضحاك- هي من وجدوه أمام مسجد مضاء يبحث عن شيء فقده ليلاً,فسألوه:هل فقدت الشيء هنا؟,فقال:بل في الشارع الآخر,فقالوا له:إذن لماذا تبحث عنه هنا؟,فرد:لأن هنا إضاءة والشارع الآخر مظلم.
إنه المثال الرمزي لمن فشل في السير في الطريق الذي يداوي فيه جراحه,ويعيد فيه أمجاده,ويصلح فيه ما فسد,ويقوم ما اعوج,وبدلاً من ذلك يلهث في طريق يعلم هو قبل غيره أنه لن يجني منه شيئاً,ولن يغير به أمراً,وليس ذلك فحسب,بل إنهم جعلوا الحديث الذي يكشف اعوجاجهم وخداعهم لأنفسهم من المحرمات والخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.
ومثال آخر هو من يجد في نفسه قوة بدنية فيظهرها على من حوله ولكنه يفاجأ برفض الناس لذلك,فيلجأ إلى الانخراط في الألعاب العنيفة مثل الملاكمة والمصارعة والكونج فو لتفريغ طاقته والاحتفاظ باحترام الناس.
وكذلك من يحدد الحكام وجمهور المشجعين:فمن هؤلاء من لا يبدي ملكاته وإبداعاته إلا أمام حشد من أنصاره أو ممن يأسرهم بحبه وعطفه وانتمائهم لأمر واحد,أما أن يبدي هذه الأمور أمام جمع من الناس العاديين فهو يخشى ذلك,والأصعب أن يتخيل منه أن يبدي أحواله أمام متخصصين.
إننا نرى هؤلاء في صورة الساسة داخل أحزابهم,وقيادات المؤسسات والكيانات المختلفة من دول وجماعات وتنظيمات,بل تجد أحدهم يرى في نفسه القيادة والزعامة والعلم والحكمة فلا يجمع حوله إلا الضعفاء والجهال الذين يصعب عليهم اكتشاف الوهم الذي يعيش فيه صاحبهم,وذلك لأن أهل الجهل يرون في زعمائهم جوانب القوة والكمال وتعمى أبصارهم عن مواطن الضعف والنقص,أما أهل العلم والحكمة والخبرة فيتجنبهم أمثال أولئك ولا يطيقون لقاءهم,ويبعدونهم عن الفئة التي يحيطون أنفسهم بها بأن يتلمسوا لهم الأخطاء ويتربصون لكلماتهم وأفعالهم ليفسروها لأتباعهم تفسيراً يظهرهم في أسوأ صورة,ترى هؤلاء وهم في صورة رجال دين وسياسة واقتصاد وأصحاب النشاط الاجتماعي وغير ذلك.
 تحويل سير القضية إلى قضية أخرى:هنا يتعمد الفرد الهروب من القضية المثارة التي تقلقه إلى قضية أخرى لا تقلقه مستغلاً تسلسل الجمل والألفاظ
-       كمن وجه إليه نقد أو نبه إلى خطأ أو خلل في عمله أو سلوكه,فيحول القضية إلى:الشماتة, التربص, ترك عيوب النفس والانشغال بعيوب الناس,الحسد والحقد.
-       والطالب الجامعي الذي تتحدث معه عن وجوب الاستذكار والتفوق فيحدثك عن مشكلة الكتاب الجامعي وتدخل السياسة في التعليم وسعي الأساتذة إلى العمل السياسي وهكذا.
-       والتاجر الذي تحدثه عن استغلاله ومبالغته في الربح فيحدثك عن البضاعة ثم يذهب بك إلى فلسفة الدول في الصناعة ثم إلى الفساد في الموانئ وعوائق الاستيراد.
-       والطبيب الذي تنصحه برفع مستواه العلمي فيحدثك عن غذارة العلم وتيسره عبر الإنترنت,ثم يقفز بك إلى أنواع الكمبيوتر والشاشات,ثم الثورة التكنولوجية القادمة,ثم تحكم الشركات العملاقة في مجال المعلومات ثم الاقتصاد وربما سرح بك إلى أنظمة الحكم العربية أو إلى موضوعات اخرى.

6-النكوص:العودة لسلوكيات الطفولة:
- البكاء لاستدرار العطف والشفقة حين يقع في موقف صعب.
- الغضب أو الادعاء بضيق أفقه وذلك لما يراه من تلطف الناس به في حالة غضبه الطفولي.
- حب الجوانب العاطفية المميزة للطفولة(المودة والتلطف الشديد,والرقة في الألفاظ,والتسامح عن الأخطاء),
- الاستهتار وعدم تحمل المسئولية.
- التخلي عن مرجعية الفرد وجعل مقاليد الأمور في أيدي الغير {القادة,كبار القوم,الزعماء ,القدماء}
 - التمتع والتلذذ بالألعاب والحلوى ومشاهدة الأفلام الخاصة بمرحلة الطفولة والتي تجعله يعيش - الوهم الذي يحبه مثل أفلام العنف والجنس والتي تحوي مظاهر الترف والبطر,وألعاب الكرتون والفيديو,.
- تعمد فهم الأمور بسطحية ورفض الغوص للمقاصد.

7- إرضاء الجزء الحي القويم من فطرته مع بقائه على انحرافه,وأمثلة ذلك:
·       من يسرق أو ينهب أو يختلس,أو يحصل على المال من أي مصدر حرام كالراقصات أو بائعات الهوى ثم يقوم هؤلاء بإنفاق جزء من أموالهم على أوجه الخير المتعددة مثل مساعدة المرضى والمحتاجين وأصحاب الديون وطلبة العلم,ويتعمدون أن تبدو أعمالهم في صورة المروءة الواضحة.
·       من يقف مع أهل الظلم والبغي والعدوان والانحراف لمكاسبه من ذلك ثم تجده مثالاً للوفاء والصدق والأدب معهم,ويعمل على رفع بعض الظلم عن بعض الناس الذين يقعون تحت براثن هؤلاء الطغاة عدا المناوئين لهم والرافضين لظلمهم(المعارضة السياسية),أو من يعيش معتدياً على أموال الناس وأعراضهم ولا يقاوم شهواته وتجده يكثر من مصاحبة العلماء وأداء المناسك والشعائر,دون أن ينبث ببنت شفة عن الظلم أو أي مظهر من مظاهر الانحراف,أو يتوب إلى الله ويمتنع عن ظلمه وملذاته.
·       من يرفض الإيمان بالله أو الخضوع للدين ثم تراه يبالغ في إظهار ولائه للوطن والقبيلة والأصدقاء,أو تعظيمه للعلم والعلماء والحضارة والتقدم,كما نرى بعضهم يبالغ في إظهار عزوفه عن المال ومتع الدنيا,وتجده يحرص على تأكيد بعض القيم كالصدق والوفاء والدقة في العمل والعدل والمساواة مع غيره.
·       من يشبع نفسه في تلبية الغرائز من شهوة الجنس وشراب المسكرات وتناول المخدرات ثم يحرص على مودة أقاربه وأصدقائه,وتجده مثالاً لحسن العشرة ولين الكلام وأدب الحديث.
الباب الخامس:الإساءة للكفة المقابلة فترجح كفته أو تتساوى:وذلك بالكيد والإساءة:
·       الإساءة المباشرة:بالقتل أو التنكيل أو الاضطهاد أو الطرد أو السخرية والاستهزاء أو تلويث السمعة{الطعن والتشكيك في عفته واستقامته ونيته ومقصده وأمانته},فتخلو الساحة له ولا يبقى ما ينغص عليه حياته وسعادته بما يقترف.إن أهل الزيغ لا يصبرون على أهل الاستقامة,بينما يصبر أهل الاستقامة على أهل الزيغ,وذلك لأن أهل الزيغ يعانون من رجحان كفة أهل الاستقامة سواء داخل نفوسهم أم في واقع الناس من حولهم.
-       {وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} (87) سورة الأعراف
-       {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} (88) سورة الأعراف
-       {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} (13) سورة إبراهيم
-       {وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً} (76) سورة الإسراء
-       {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30) سورة الأنفال
-       {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (26) سورة فصلت
-        {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (61) سورة البقرة
-       -{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (87) سورة البقرة
-       {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (91) سورة البقرة
-       {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (21) سورة آل عمران
-       {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (112) سورة آل عمران
-       {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ} (181) سورة آل عمران
-       {الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (183) سورة آل عمران
-       {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} (70) سورة المائدة
-       {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} (127) سورة الأعراف
-       {فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} (25) سورة غافر
-       {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} (26) سورة غافر
-        {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} (4) سورة البروج
-       {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (72) سورة الحـج
-        
·       الإساءة غير المباشرة:وذلك بالطعن والتشكيك في الأسس التي يقوم عليها الطرف الآخر:
-       الطعن في أسس الحياة مثل العقل والفطرة والغريزة والهوى والعاطفة,فيشكك في وجود هذه الأمور كاملة صحيحة فيمن يناصبه العداء أو في سويته. أو بصلاحية هذه العناصر كمرجعية للحكم على الأمور.
-       الطعن في الدوافع التي تجعل من يستقيم مستقيماً:كتعظيمهم للفطرة والعقل والإيمان بالله واليوم الآخر.
-       الطعن في ماضيهم منذ طفولتهم,وكذلك الطعن في جذورهم:الآباء والبيئة والتربية والعلم الذي حصلوا عليه.
-       الطعن في الأشخاص:في مكانتهم ورفعتهم,في ملكاتهم وقدراتهم,في سويتهم واستقامتهم.
من هو الذي لا يستخدم لعبة التوازن؟
إن الإنسان القوي المستقيم لا يحتاج للعبة التوازن,لأنه يحترم الواقع ولا يحب أن يعيش في الخيال,فهو متواضع عند النصر,صابر عند الهزيمة,لا يهرب من أخطائه لأنه لا يريد أن يكررها,بل يذكرها بلا خجل,كما أنه لا يخجل من واقعه:صحته,مستواه المالي والاجتماعي,والعلمي والمهني وغير ذلك,دائما ما يفترض حدوث الضرر وكيف يواجهه ولهذا فمن الصعب مباغتته أو مفاجأته بشئ يكرهه,لا يطلب من الناس احتراماً أكبر من قدره ويتحمل من يعامله بأقل من قدره,إنه مثل الجبل الذي لا تهزه ريح.
وقد كان من هدي الإسلام أن يغلق أمام المؤمنين باب الضعف ثم استخدام لعبة التوازن:ففي الحديث الشريف"الكيس من دان نفسه,والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله"و"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة(ذرة) من كبر,الكبر بطر الحق وغمط الناس"
و"الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها".
إن البحث عن التوازن لا يأتي إلا نتيجة توتر,والتوتر لا يأتي إلا نتيجة إجهاد النفس لإخفاء أمر يشعر أنه لا قبل له بظهوره,وسنضرب أمثلة ربما بأمور نادرة ولكنها صعبة على النفس:
ماذا لو شك إنسان في نسبه لأبيه,هل يمكن أن يسعى لإثبات النسب أو نفيه حتى لو كان ذلك بالمجان,إنه قبل أن يفكر في ذلك سيحسب تبعات الأمر في حالة نفي نسبه لأبيه,هنا سيحاول بكل جهده أن يبقى الأمر مجمداً كما هو,وسيحارب أي محاولة لمعرفة الحقيقة.هنا يأمر الإسلام أتباعه بأن يبحثوا عن الحقيقة حتى لو كانت شديدة المرارة,لأن العيش والإقامة على حقيقة خير وأفضل وأعظم حتى لو كانت مؤلمة من العيش والإقامة على وهم أو خيال أو شك حتى لو كان لذيذاً لأن فيه هلاك وضياع. ففي حديث الرسول(ص):من أدعي إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام.
·       وأيضاً لو شك إنسان في دينه,سيفكر,ماذا لو تأكدت من أن ديني باطل وأن الحق في غيره؟,إن الاعتراف بهذه الحقيقة يعني العداوة الكاملة للأهل والأصدقاء ولكل من تربى وسطهم وغمروه بالحب والحنان,والانتقال لغيرهم ممن كان يتجنب الاختلاط الشديد بهم,فما الحل؟.إن الحل الأمثل هو أن يتبين الدين الصحيح ويتبعه مهما كان لذلك من تبعات,ففيه النجاة في الدنيا والآخرة,أما الطريق الثاني فيقول:إذا لم أجد ما يؤكد صواب ديني فلأسعى لإثبات بطلان الدين الآخر بأي وسيلة,ويمكن ذلك بالطعن في المتون أو الشروح أو سلوك المتدينين به,المهم أن أجد شيئاً يسند موقفي,أو أتجنب مناقشة مثل هذه الأمور مع أحد بدعوى عدم تخصصي في الدين.
·       اكتشاف بطلان الفكر أو المنهج السياسي أو الفكري أو المذهبي أو الاقتصادي.
·       اكتشاف وجود ظلم في تقسيم تركة منذ عشرات السنين,فهل نعيد الحق لأصحابه؟أم نقول إن ذلك حدث من آبائنا وأجدادنا ولم يكن لنا يد فيه,وسنبدأ من الآن بتحقيق العدل فيما يستجد وليس بأثر رجعي,أو سنقوم بإهداء ورثة المظلومين بعض المال ونساعدهم في بعض الأمور ليتجدد الود بيننا.
إن هذه أمثلة من المواقف الصعبة التي لو افترضنا أن إنسان قابلها فإن الغالبية العظمى من الناس ستهرب منها وتحاول أن تعالج الأمر بأي كيفية غير المواجهة والإقرار بالحقيقة,أي العلاج بالحيل الدفاعية.
ما هو الموقف الصحيح والمنطقي:
لا شك إن الإقرار بالحقيقة مهما كان صعباً هو الحل الأمثل لأي إنسان يريد أن يعيش في سلام ووئام مع نفسه,أما من وضع في منهجه اقتران إقراره وتمسكه بالحقيقة بالأمن والسلامة والسعادة,فلن يكون أبداً من أهل الحق.
موقف الإسلام من فرضية إتباع الحق:من خلال النصوص القرآنية والأحاديث نرى أن الإسلام لا يقبل من أحد أن يرى أو يعلم الحق ثم يكتمه أو يتقاعس عن تبنيه ونصرته مهما كانت التبريرات والعلل:
-{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (146) سورة البقرة
-{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } (159) سورة البقرة
-{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174) سورة البقرة
-{فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} (32) سورة يونس
-{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (10) سورة الأحزاب:تعليم للمؤمنين أن يقروا بحقيقة ما حدث لا أن يتنكروا ويعيشوا وهم النصر ويمحوا حقيقة ما كان.
-{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران:إنه التعود على ذكر الواقع كما هو.
-{عَبَسَ وَتَوَلَّى,أن جاءه الأعمى,وما يدريك لعله يزكى,أو يذكر فتنفعه الذكرى,أما من استغنى,فأنت له تصدى,وما عليك ألا يزكى,وأما من جاءك يسعى وهو ويخشى فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى} (من 1-10) سورة عبس إنها كلمات قاسية لنبي هو قائد وحاكم وقدوة,ولكن هذا هو المنهج الصحيح,لا هروب ولا خشية من الاعتراف بالخطأ,وإلا فالفساد والهلاك.
-{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (1) سورة التحريم
-{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ, لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ, ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ, فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (44-47) سورة الحاقة
-إن الكفر هو تعمد إخفاء الحق,أما الآيات التي تبين حكم الإسلام على الكافرين فأكثر من أن تذكر:
-{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (64) سورة الأحزاب
إن القرآن قد عاتب أو لام المؤمنين بل والرسول أيضاً,ليكون منهج الإيمان واضحاً:إذا حدث خطأ فالإقرار والاعتراف  وإصلاح الخطأ وتعلم الدروس واستخلاص العبر,ولكن لا هروب ولا كبر ولا خداع للنفس :
إن القرآن قد وجه حديثاً للنبي فيه لوم على تصرف,وقد كان من الممكن أن يكون ذلك مجرد وحي لا يذكر في القرآن ويتعبد الناس به,ولكنه المنهج العظيم,لا عيب في ذكر الخطأ ومواجهته والإقرار به:
وكذلك ذكر القرآن ما حدث في بيت النبي:
-       {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ, قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ, وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ , إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}من( 1- 4) سورة التحريم
-       وذكر ما حدث للمؤمنين في غزوة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا, إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا, هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} من(9-11) سورة الأحزاب
-       {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} (38) سورة التوبة
-       {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } (152) سورة آل عمران
إن الأمثلة كثيرة, ولكن النتيجة التي يجب أن نستوعبها هي أن منهج القرآن يؤكد منهج الحياة:لا بناء لحضارة,ولا لرجال دون مواجهة الواقع الصحيح,والاعتراف بالخطأ ومعالجته,لا مكان للضعفاء,ولا المتوترين,ولا لذوي الحساسية للنقد واللوم,في طريق بناء حضارة قوية,أما هؤلاء الضعفاء فمكانهم المستشفيات النفسية والمعالجات الاجتماعية الرحيمة ولكن ليس بوضعهم أو بتركهم يتولون قيادة في طريق النهضة والتقدم والبناء. 
تساؤل:هل يمكن لمن يوقن أنه من أهل الحق أن:
·       يمتنع عن الاستماع أو التلقي أو متابعة أمر يخالف ما هو عليه.
·       يزعم أنه يجهل تبين الحق من الباطل أو الاستقامة من الانحراف,أو الصواب من الخطأ في الأمور التي لا تحتاج لعلم.
·       يهرب من مواجهة ما يخالفه تحت أي زعم.
·       يرفض توثيق العلاقة بينه وبين الآخرين في عقود,ويتمسك بالعقود الشفهية أو بغير عقود مطلقاً.
الشرك بالله انحراف نفسي:إن الشرك بالله هو أحد مظاهر الانحراف النفسي,وخداع النفس,ولعل هذه بعض أسباب الشرك بالله:
- الكبر المصاحب للانحراف:فهو بعد أن يفعل ما شاء من المعاصي يدرك أنه هالك,فلا يلجأ إلى الله ويطلب منه الصفح والمغفرة ويواجه حقيقة انحرافه ويعترف بها,بل يذهب لأي أحد أو شيء يمكن أن يتخيل أنه بديل لله,أو يقف معه أمام الله,ولا يحاسبه عما أجرم,حساباً يعلم وجوبه عليه من داخله,بل يبحث لنفسه عمن يحاسبه حساباً هيناً فيه من التسيب أكثر مما فيه من الحزم.
- خداع النفس:إنه يكذب ثم يصدق نفسه,فيتمنى أن يكون ما عليه أهل الشرك صحيحاً (لأنه يريحه أكثر من قيود أهل الحق),ثم ينضم إليهم ويقنع نفسه بما يعملون.
ـ الحرص على المنفعة,أو خشية الضرر:فيفعل أموراً غير منطقية خشية أن تكون لها صدى من الحقيقة أوحذراً من أن يندم مستقبلاً لعدم فعله لها,كذبح الحيوانات قرباناً , وإنفاق المال ,والوقت في عبادات ونسك وشعائر.
-البحث عن أي شيء يطرد الخوف والقلق,ويأتي بالأمن والطمأنينة:فالخوف من المستقبل والقلق على تحقيق الأهداف والأماني من نقاط الضعف التي يلعب بها الشيطان على الناس,فيجعلهم يندفعون لأي عمل يمكن أن يبث الطمأنينة في نفوسهم.
-التمسك والتشبث بالموروث:فيفعل ما وجد عليه الآباء دون مرجعية من عقل أو علم أو فطرة أو تفكير,فيسلم بذلك زمام قيادته للأموات.


أيهما أسوأ؟:
إنه تساؤل,إننا أمام طرفين,طرف ينحرف فيستخدم بعض الحيل لتبرير انحرافه أو لتقنينه وجعله مشروعاً,وطرف يسانده أو يقبل منه ذلك دون غضاضة, إذن فنحن أمام منظومة لا تقوم ولا تبقى ولا تسير إلا على هذين الساقين.الفاعل الأصلي وهو من يستخدم أدواته الباطلة لمساندة انحرافه,والفاعل الثانوي الذي يساند الفاعل الأصلي ويجعل عمله يولد ويقوى ويستمر على أرض الواقع,ولو لم يجد الفاعل الأصلي من يسانده فلن تقوم له ولعمله قائمة,والمثال على ذلك:
·       الأسرة التي تجد في أحد أبنائها الميل للهروب من مواجهة الواقع,ويستخدم لذلك أسلحة الانسحاب والغضب السريع وإظهار الحساسية المفرطة من أي لفظ أو حديث,فيجد من يعذره ويحميه ويفرض على الآخرين التعامل معه كما يريد لا كما يجب أن يكون التعامل.
·       الظالم الباغي الذي يبرر ظلمه بأدلة وبراهين لا تقوى أمام المنطق فيجد من يؤيده ويتبنى حجته ويكررها أمام الناس وكأنها الحجة والبرهان الصحيح.
·       المحامي الذي يقدم أدلة واهية وملتبسه ويفند الحق بالباطل فيجد القاضي الذي يقبل دليله وبرهانه ويحكم له.
·        الكافر الذي يرفض قبول الحجة والبرهان المنطقي ويتحجج بما ورثه أو بغير ذلك من الحجج فيجد من يقف معه ويدعو لقبول برهانه وإعذاره في موقفه.
·       المسرف والمستهتر الذي يجد في الاستمتاع والتلذذ حق أصيل يبرر له التخلي عن الحق والاستقامة ويجد من يؤيده ويعاونه في ذلك.
إن القرآن يضع الطرفين في سلة واحدة,بل ربما يجعل المؤيد أكثر إجراماً من المجرم الأصلي:
-       {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } (11) سورة الحشر
-       {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً} (51) سورة النساء
-       {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ* كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ* تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} (78-80) سورة المائدة
-       {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (67) سورة التوبة
-       {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} (8) سورة القصص
-       {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} (14) سورة النمل
موقف الإسلام من الحيل الدفاعية:
لابد في فهمنا للإسلام أن نوقن أن كل ما عاب عليه الإسلام أو انتقده أو سخر منه فلا يمكن أن يقبله من أتباعه حتى لو كان موجهاً ضد أعدائهم, وأن كل ما نهى عنه الإسلام أو أمر به أتباعه وحبذه ومدحه فلا يمكن أن يرفضه من خصومه.إننا يجب أن نفهم دلالة وهدف الآيات ولا نقف عند المعنى السطحي لها,فالسخرية واللوم والنهي والوعيد والذم لابد أن يكون نابعاً من منهج واضح ليس فيه تناقض,وكذلك المدح والجزاء والاستحسان. لا يمكن لدين الله أن يربي أتباعه على الهروب من مواجهة الواقع,وعدم التعامل معه بمنطقية ومنهجية,ولذلك كانت الآيات والأحاديث حاسمة في رفض جميع أنواع الحيل الدفاعية الهدامة,بينما تساند المؤمنين بالحيل الدفاعية البناءة(الإيمان بالغيب والتوكل على الله والرضا بالقضاء),فالعيش في وهم لن يترتب عليه إلا ضرر مؤكد,ولا يمكن أن تبنى حضارة أو يقام بناء قوي على أوهام وتخيلات وعواطف وهروب من الحقيقة وضعف نفسي,إن الدين الحق لابد أن يأمر أتباعه بالتعامل الصحيح مع الواقع وتجنب التهرب منه أو رفضه إذا كان مما تكرهه النفوس,كالمرض والعجز والفقر والضعف المادي والمعنوي كضعف المكانة الاجتماعية أو ضعف الملكات مثل الذكاء والفطنة وسرعة البديهة,كما أنه من عواقب استدعاء الحيل الدفاعية هو الضعف أمام المغريات ثم المعاناة من وجود الفطرة والعقل اللذين لن يقبلا بهذا الزلل, فلا يهنأ بانحرافه ولا هو قادر على الرضوخ لمنطقه وصوابه,وهذا هو سبب التوتر النفسي,إنه وجود نتاقض بين ما يفعله وما يجب أن يفعله:
-       {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (97) سورة النساء
-       {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} (167) سورة آل عمران
-       {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} (81) سورة التوبة
-       {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} (11) سورة الأحقاف
-       {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ} (148) سورة الأنعام(الوهم والتخيل)
-       {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ } (35) سورة النحل
-       {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ} (24) سورة المؤمنون
-       {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (79) سورة التوبة.
-       {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} (113) سورة هود
-       {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (140) سورة النساء
-       {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ} (65) سورة التوبة
-       {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} (52) سورة المائدة
-       {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (14) سورة الحديد
إن الإسلام يأمر أتباعه بإغلاق أبواب الزيغ والانحراف وعدم الولوج فيها,لأن الوقوع فيها لن يترتب عليه إلا الندم والحسرة أو البقاء فيها مع خداع النفس والعيش في الأوهام:
-       {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (151) سورة الأنعام
-       {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (152) سورة الأنعام
-       {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} (32) سورة الإسراء
-       {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (34) سورة الإسراء
-       {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل
-       {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (60) سورة الرحمن
فإذا أخطأ العبد فتح الله أمامه باب التوبة لكي لا يبقى في المعصية مع ما يترتب على ذلك من انحراف:
-       {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} (201) سورة الأعراف
-       {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (135) سورة آل عمران
-       {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (64) سورة النساء
-       {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (54) سورة البقرة
-       {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (44) سورة النمل
-       {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (16) سورة القصص
ووضع لهم المثال على الكبر ورفض الإقرار بالذنب:
-       {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} (12) سورة الأعراف
-       {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} (33) سورة الحجر
-       {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } (76) سورة ص
إن النهي عن الاقتراب من الفواحش,أو أكل مال اليتيم,أو الزنا,وكذلك النهي عن الركون للظالمين,معناه أن يغلق المؤمن الأبواب التي يمكن أن يهلك إذا ولجها,ولا ينتظر أن يدخل الباب بخدعة لنفسه ثم يسقط فيخترع خدعة جديدة وهكذا.
إن الله الذي جعل آلية الخداع داخل كل نفس كما خلق داخلها آلية الوصول للحق,جعل أيضاً من سنته أن يحتمل كل أمر الاستقامة والانحراف, فمن أراد الاستقامة فلديه مقوماتها,ومن أراد الانحراف فلن يفتقد المدد والنصير:
-         {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا} (75) سورة مريم
-         {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (5) سورة الصف
-         {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا} (76) سورة مريم
-         {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (69) سورة العنكبوت
-         {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا} (76) سورة مريم
-         {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (17) سورة محمد
-         {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} (7) سورة البقرة
-         {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} (25) سورة الأنعام
-         {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} (87) سورة التوبة
-         {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (93) سورة التوبة
-         {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا } (46) سورة الإسراء
-         {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} (57) سورة الكهف
-         {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} (16) سورة محمد
-         {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} (3) سورة المنافقون
-         {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (14) سورة المطففين
إن أخطر ما يمكن تصوره هو أن أهل الضلال يحسبون أنهم على الحق بل ربما يسعدون بما هم عليه من ضلال,وربما يثقون في تبوئهم مكانة عظيمة في الجنة,إن حديث القرآن عن ذلك ينبهنا ويحذرنا أن نكون من هؤلاء .أليس ذلك أدعى بأن يتوقف كل منا ويتشكك فيما هو عليه؟, ثم لا يتيقن بأنه على الحق إلا إذا ملك المرجعية الصادقة التي لا تخطئ والتي تثبت أو تنفي الحق الذي يظن أنه عليه ,أما الشيطان فقد تحمل مهمة تزيين الانحراف ليبقى المنحرف الذي لم يعرف الحذر والخشية هادئ البال ينعم بضلاله:
-         "فريقاً هدى وفريق حق عليهم الضلالة,إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون"
-         "قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً,الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً,أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً "
-         ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين,وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون"
-         "يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ,ألا إنهم هم الكاذبون"
-         "وكذلك زُين لفرعون سوء عمله وصُد عن السبيل"
-         "أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله"
-         "بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوماً بوراً
-         "تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم"
-         "قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغو ينهم أجمعين.إلا عبادك منهم المخلصين"
-         "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا,فإن الله يضل من يشاء"
أليست كل هذه الآيات كافية كرسالة لكل ذي عقل وبصيرة وإرادة أن يقف ويتفكر ويسأل نفسه:هل يمكن أن أكون على باطل وأخدع نفسي وأحسب أنني على حق ومن المهتدين,هل يمكن أن يكون حالي هو تزيين لي من الشيطان ولا أكتشف ذلك إلا عند الحساب؟.إذن ما هو الحل؟وكيف يصل الإنسان إلى درجة اليقين من أنه على الحق؟
اللبس أو الفتنة من سنة الله مع عباده:
ليس من سنة الله أن يجعل الحق واضحا جلياً لا لبس فيه وأن يكون الباطل شراً نقياً لا خير فيه,ولكن من سنة الله أن يختلط بالحق شيئاً من الباطل وأن يكون في الباطل بعض العروق من الحق.ففي الحق مجاهدة وصبر وأذى وحرمان وشقاق,وفي الباطل نعيم وعصبية واستمتاع وراحة.ومن يقبل الحق لابد أن يكون مستعداً للتضحية في سبيله,وتحمل تبعاته,ولن يتسنى لأحد ذلك إلا عن إيمان بقدر الحق وعظمته,ويقين واطمئنان وثقة في وعد الله له,أما من يريد الباطل فليس له إلا أن يتخلى عن الفروض التي عليه وأن يخلع نفسه من الالتزامات الواجبة في حقه.
وقد ذكر القرآن ذلك فقال:
-         {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (9) سورة الأنعام
-         {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (137) سورة الأنعام
-         {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}(52), (53) سورة الحـج
-         {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} (7) سورة آل عمران
-         {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ.وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ.وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}(33- 35) سورة الزخرف
النهي عن التفاخر بالآباء والأجداد:
نهى الإسلام عن التفاخر بالآباء والنسب,ففي الحديث"كلكم لادم وآدم من تراب...لافضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى.
من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه.
بل إن القرآن يقرر أن ذنوب أهل النسب مضاعفة:
-         {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (30) سورة الأحزاب
-         {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (25) سورة النساء
-         {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (13) سورة الحجرات
-         {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (112,111) سورة البقرة
-         {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (247) سورة البقرة
-         {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} (4) سورة القصص
-         {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } (159) سورة الأنعام
-         {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ* مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (32,31) سورة الروم
كيف نستفيد من ذلك في تربية النشء:
- يجب أن يتعلم النشء مواجهة الواقع وليس الهروب منه, فكل حقيقة يجب الإقرار بها والتعامل معها بلا خوف أو ارتباك.
- يجب ألا يحمى الطفل من الهجوم عليه من غيره إذا كان الهجوم بالحقائق, ويجب تعويده على الإقرار بالحقيقة أولاً ثم التعامل معها بحكمة ثانياً.
- يجب أن يدرك الطفل أن غيره لن يتستر على واقع بدافع القرابة أو الصداقة أو الحب.

  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق